الباب (الخامس) من المقصد الرابع: (في مفهومات الخطاب)
  وأجيب بأنا لا نسلم أن دلالة التخصيص على مخالفة المسكوت للمذكور بالوضع، لم لا تكون بالعقل كما قال به البعض، أو بأن العرف العام يَقْصُدُ إليه ويُفْهِمُه كما ذهب إليه الرازي في المعالم(١)؟
  سلمناه فلا نسلم أنه إثبات الوضع بالفائدة، بل ثبت بطريق الاستقراء عنهم أن كل ما ظن أنه لا فائدة للفظ سواه تعينت لأن تكون مرادة، وهذا كذلك، فاندرج في القاعدة الكلية الاستقرائية، فكان إثباته(٢) بالاستقراء لا بالفائدة، وأنه يفيد الظهور(٣) فيه فيكتفى به.
  سلمناه لكن لا نسلم بطلانه؛ لأنا أثبتنا جميعاً دلالة التنبيه(٤) تفادياً عن لزوم الاستبعاد في كلام الشارع، فإثبات دلالة المفهوم حذراً عن لزوم انتفاء فائدة الذكر أولى؛ إذ لا يشك أحد في أن البعد أخف محذوراً من عدم الفائدة، وهذا الجواب الأخير يناسب من يجعل دلالته من جهة الشرع لا غير(٥).
  اعترض ثانياً بالنقض الإجمالي(٦) بأن يقال: لو صح ما ذكرتم لزم أن يكون
(قوله): «وهذا الجواب الأخير» وهو إثبات دلالة التنبيه ... إلخ.
(١) فإنه ظن أن لا فائدة للفظ سوى التخصيص.
(٢) أي: الوضع.
(٣) أي: ظهور تخصيص محل النطق، فيه أي: في نفي الحكم عن المسكوت عنه، والله أعلم. (سيدنا أحمد حبشي). وقوله: سلمناه أي: أن حاصل ما ذكرتم إلخ.
(٤) والإيماء. (عضد).
(*) وهو الاقتران بحكم لو لم يكن أو نظيره للتعليل كان بعيداً. (عضد).
(٥) لأنه من باب قياس الأولى، يعني: حيث أثبتنا الدلالة على المخالفة حذراً من لزوم انتفاء الفائدة قياساً على إثبات دلالة التنبيه تفادياً من لزوم الاستبعاد في كلام الشارع، ولما كان هذا قياساً على كلام الشارع ولا يتم إلا بجعل دلالته من جهة الشرع أيضاً وإلا بطل القياس قال الشارح: وهذا الجواب إلخ.
(٦) وهو تخلف الحكم المدعى عن الدليل، وأما التفصيلي - وهو الذي يقال له: المناقضة والمنع - فهو منع مقدمة الدليل.
(*) وفي حاشية: والجواب بإبداء الفارق بين اللقب وغيره.