الباب (الخامس) من المقصد الرابع: (في مفهومات الخطاب)
  الظن، والتجويز لا يقدح فيه، وإلا لزم أن لا يثبت شيء مما نقله الأئمة(١) من اللغات لقيام هذا التجويز فيه.
  اعترض ثانياً بالمعارضة بمذهب الأخفش مع علمه بالعربية، فدل على أنه ليس من مفهوم اللغة.
  وأجيب: بأنه لم يثبت نفي الأخفش له عاماً كما ثبت(٢) عن أبي عبيدة ومن معه؛ لأنهم كرروا ذلك في مواضع كما علمت فصار القدر المشترك مستفيضاً، والشافعي ¥ روى عنه أصحابه مذهبه مع كثرتهم وغيرهم، والرواية عن الأخفش ليست كذلك.
  ولو سلم فمن ذكرناه أرجح من الأخفش؛ لتعددهم وكونهم أعظم منه في العلم والشهرة.
  ولو سلم فشهادتهم مثبتة وشهادته نافية، والمثبتة أولى بالقبول من النافية؛ لأنها إنما تنفي لعدم الوجدان، وأنه لا يدل على عدم الوجود إلا ظناً، والمثبتة تثبت الوجدان، وأنه يدل على الوجود قطعاً.
  ولو سلم فالتعارض منتف؛ لإمكان الجمع بأن المثبتين إنما أثبتوا حيث لم تظهر فائدة غير التخصيص، والنافي إنما نفى في مقام ظهرت له فيه فائدة أخرى، وهاتان الحجتان عامتان لجميع المفهومات المعمول بها.
(قوله): «بمذهب الأخفش» فإنه نفاه، كذا في شرح المختصر، وفي الفصول: فإنه ينفي مفهوم الصفة.
(قوله): «لم يثبت نفي الأخفش له عاما» أي: ثبوتاً عاماً للناس؛ بأن يشتهر بينهم القول بنفيه وتعم معرفته[١].
(قوله): «فصار القدر المشترك» وهو نفي المفهوم.
(قوله): «وهاتان الحجتان عامتان لجميع المفهومات» أما الحجة الثانية فإنها تخص الصفة[٢]، إلا أن يقال:
ما ثبت به الأضعف ثبت به الأقوى، وهو ما عدا الصفة.
(١) في نسخة: أئمة اللغة.
(٢) أي: إثبات المفهوم. اهـ وكذا عن سيدنا أحمد حبشي. وفي حاشية: أي الإثبات. (عضد معنى).
[١] إذا كان المراد أنه ينفي مفهوم الصفة فالمراد عموم المفاهيم، فاعرف. (برطي ح).
[٢] إنما أراد المؤلف لو لم يكن التعليق بالصفة مثلا فتأمل. (ح عن خط شيخه). ومثل معناه للسيد حسن بن يحيى الكبسي، ولفظه: لعله يقال: لا يلزم من عدم ذكر غير الصفة في بيان الحجة الثانية عدم جريانها في غير الصفة؛ لجواز أن يكون قد قال به في غيرها أئمة اللغة وإن لم يذكر في البيان، والله أعلم، يدل عليه قول المؤلف: لأنهم كرروا ذلك في مواضع ... إلخ. (عن خط العلامة أحمد بن محمد السياغي).