الباب (الخامس) من المقصد الرابع: (في مفهومات الخطاب)
  (و) لنا حجة (في) مفهوم (الشرط) خاصة وهي: أنه إذا ثبت كونه شرطاً فإنه (يلزم من انتفائه انتفاء المشروط) فإن ذلك هو معنى الشرط.
  (قيل) في الاعتراض عليه أولاً: ما علق به الحكم بكلمة «إن» ونحوها مما يسمى شرطاً بحسب اللغة لا يجب أن يكون شرطاً يلزم من انتفائه انتفاء الحكم؛ إذ (قد يكون سبباً)(١) بل إنه الغالب في الاستعمال.
  (قلنا:) إن لم يجوَّز التعدد في الأسباب فلا إشكال، وأما (إن جوِّز التعدد) فيها (فالظاهر العدم)(٢) فإذا انتفى السبب الخاص حكم بانتفاء مطلق السبب؛ لأن الآخر وإن كان جائزاً لكن الأصل عدمه ما لم يثبت(٣) وجوده، وحينئذ
(١) أو علة. (فصول بدائع).
(٢) أي: عدم التعدد.
(٣) (مع أن الكلام فيما إذا استقصي البحث) أي: بولغ في التفتيش والفحص إلى أقصى الغاية (عن) وجود سبب (آخر فلم يوجد، فإن احتمال وجوده) أي: سبب آخر (يضعف) حينئذ جداً (فيترجح العدم) رجحاناً تاماً، (والمفهوم) ثبوته (ظني لا يؤثر فيه) ذلك (الاحتمال) الضعيف، بل حقيقة الظن لا يتحقق بدونه، والاحتمال المرجوح إنما ينافي القطعي (ولا يخفى أن هذا) التقرير (رجوع عن أنه) أي: مفهوم الشرط (مدلول اللفظ إلى إضافته) أي: المفهوم (إلى انتفاء السبب) فكأنهم اعترفوا بأنه لا يدل عليه اللفظ، بل يدل عليه دليل عقلي هو انتفاء المستلزم انتفاء المسبب الذي هو الحكم (وهو) أي: الرجوع إليه (قول الحنفية إنه) أي: أن انتفاء الحكم عند عدم الشرط (يبقى على عدمه الأصلي في التحقيق) ظرف لنسبة الخبر إلى المبتدأ (والأقرب لهم) أي: لمثبتيه (إضافته) أي: مفهوم الشرط (إلى شرطية اللفظ المفادة للأداة) بناء (على أن الشرط) الذي هو من حيث شرطيته مفاداً للأداة لغة معناه (ما ينتفي الجزاء بانتفائه، فيكون) انتفاء الجزاء لانتفاء الشرط (مدلولاً) لفظياً (للأداة) إشارة إلى ما قالوا: من أن أهل اللغة قاطبة أطلقوا حرف الشرط على كلمة (إن)، والأصل في الإطلاق الحقيقة، فيكون ما دخلت عليه شرطاً، والشرط ينتفي المشروط بانتفائه، ألا ترى أن العلم والزكاة ينتفيان بانتفاء الحياة والحول. (تحرير وشرحه).
(*) هذا ولا يذهب عنك أن النزاع إنما هو في شرط الحكم الشرعي الحاصل بالطلب، وشرطه اللغوي - أعني المقرون بكلمة الشرط - لا يتعدد في الإنشاء البتة، سواء كان واحداً أو متعدداً بحرف للجمع أو للتخيير؛ وذلك لأن الملازمة في الطلب ليست بين خارجيين =