هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

الباب (الخامس) من المقصد الرابع: (في مفهومات الخطاب)

صفحة 116 - الجزء 3

  (و) منها: أنه لو ثبت مفهوم المخالفة (لما ثبت خلاف المفهوم) والتالي باطل، فالمقدم مثله، أما الأولى فلأنه لو ثبت لثبت التعارض بين دليل المفهوم ودليل خلافه، وهو منتف؛ لأن الأصل عدم التعارض، وأما الثانية فلأنه قد ثبت في نحو: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً}⁣[آل عمران: ١٣٠]، فإن قوله: «أضعافاً مضاعفة» في معنى الوصف كما سبق، ومفهومه عدم النهي عن القليل منه، وقد ثبت النهي عن القليل والكثير⁣(⁣١).

  (ورد) ما تمسك به النافون من الشبه أما الأولى: فبأنا لا نسلم اشتراط التواتر وعدم إفادة الآحاد، فنقول (بقبول الآحاد) في مثله، وإلا امتنع العمل بأكثر الأدلة والأحكام؛ لعدم التواتر في مفرداتها، وأيضاً فإنا نقطع بأن العلماء في الأعصار والأمصار كانوا يكتفون في فهم معاني الألفاظ بقولِ الآحاد المعروفين بالثقة والمعرفة ونقلِهم، كأبي عبيدة والأصمعي والخليل وغيرهم.

  (و) أما الشبهة الثانية فجوابها: (منع الثانية) وهي الاستثنائية القائلة بأن مفهوم المخالفة لم يثبت في الخبر، بل هو ثابت فيه كما في الإنشاء، كما في قولك: الفقهاء الحنفية أئمة فضلاء، ومطل الغني ظلم، عند قصد الإخبار، إلى غير ذلك من الأخبار الواقعة⁣(⁣٢) (مع عدم قرينة نفي المفهوم) وقيام القرينة على نفيه في بعض المواضع كما في قولنا: «في الشام الغنم السائمة» لا ينافي ذلك.

  (و) أما الشبهة الثالثة: فجوابها (منع) المقدمة (الأولى) وهي الشرطية القائلة بأنه لو ثبت مفهوم المخالفة لما ثبت خلافه، قولكم في بيانها: لو ثبت لثبت التعارض بين الدليلين.


(١) بقوله عز من قائل: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}⁣[البقرة: ٢٧٥]. (من الرفو).

(٢) كقوله: من مات يشرك بالله شيئاً دخل النار، فإنه إخبار قطعاً، وقد تقدم.