الباب (الخامس) من المقصد الرابع: (في مفهومات الخطاب)
  (قيل:)(١) إنه (منطوق) لا مفهوم، أما مفهوم النفي والاستثناء فممن صرح بأنه منطوق أبو الحسين بن القطان والشيخ أبو إسحاق الشيرازي، ورجحه القرافي(٢) في قواعده والبرماوي في شرح ألفيته، وهو الظاهر من مذهب ابن الحاجب. قال ابن أبي شريف: وهو الذي يثلج له الصدر(٣)؛ إذ كيف يقال في لا إله إلا الله: إن دلالتها على إثبات الإلهية لله بالمفهوم، وهو الذي أطبق عليه علماء البيان، بل قالوا: إنها تفيد الإثبات نصاً.
  وأما مفهوم إنما فالقول بأنه من قبيل المنطوق مذهب القاضي أبي حامد أحمد بن عامر بن بشر بن حامد المروروذي(٤) بفتح الميم والواو بينهما راء مهملة ثم راء مهملة مضمومة مشددة بعدها واو ساكنة وذال معجمة، وحكاه الماوردي وجهاً للشافعية.
  وأما استفادة الحصر من التقديم فمما لا ينبغي أن يقع خلاف في أنها من قبيل المفهوم، للقطع بأنه لا نطق بالنفي أصلاً، فمن نظمه في سلك المنطوقات فقد أبعد؛ لأنه إنما يستفاد بحكم الذوق السليم والقوة الدراكة لدقائق تركيب البلغاء ولطائف اعتباراتهم فيها، فإن من منح ذلك إذا نظر في مفهوم الكلام
(قوله): «والقوة الدراكة» عطف تفسيري ... إلخ.
(١) لفظ المتن في المطبوع: (ولتبادره في الأولين إلى الأذهان، قيل: منطوق).
(٢) قرافة كسحابة: مقبرة مصر، فيها قبر الشافعي، وكسحاب: قرية بجزيرة لبحر اليمن. (قاموس).
(٣) في شرح أبي زرعة على الجمع عند قوله: الإلهام إيقاع شيء في الصدر يثلج له الصدر ما لفظه: أي: يطمئن، وفيه لغتان: ثلج بفتح العين يثلج بضمها، وثلج بكسرها يثلج بفتحها. اهـ وفي شمس العلوم في باب فعل بفتح العين يفعل بضمها ما لفظه: وثلوج النفس: اطمئنانها، وفي باب فعل بكسر العين يفعل بفتحها يقال: ثلج الرجل بخير أتاه، أي: سر به.
(٤) نسبة إلى مروالروذ، وهي غير مرو الشاهجان، والنسبة إلى الأخيرة مروزي.