هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب السادس من المقصد الرابع في) مباحث (الناسخ والمنسوخ)

صفحة 134 - الجزء 3

  قبل إمكان العمل بالمنسوخ كما يجيء إن شاء الله تعالى.

  ومنهم من عرفه برفع الحكم الشرعي⁣(⁣١)، والمعنيان متقاربان؛ لأنه بيان محض في علم الله تعالى المتعلق بأمد حكمه، ورفع وتبديل في علمنا؛ لظهور إطلاقه في البقاء، فالبحث عن الترجيح بينهما قليل الجدوى.

  ومنهم من حده بالدلالة⁣(⁣٢) على خلاف حكم شرعي بدليل شرعي متراخ، وقال: إن الدلالة أولى من الرفع والبيان؛ لأن صدق كل منهما باعتبار دون آخر


(قوله): «ومنهم من عرفه» هذا التعريف اعتمده ابن الحاجب.

(قوله): «برفع الحكم الشرعي» يعني إلى آخر هذا الحد، والمعنيان متقاربان، والذي في شرح المختصر بعد أن ذكر قريباً مما ذكره المؤلف # أن الخلاف مع هذا الحمل لفظي كما ستعرف ذلك.

(قوله): «لأنه» أي: النسخ بيان لانتهاء الحكم.

(قوله): «محض» أي: لا رفع فيه.

(قوله): «في علم الله تعالى» أي: بالنظر إلى علمه «المتعلق» أي: علمه تعالى «بأمد حكمه تعالى» أي: مدته.

(قوله): «ورفع» أي: ولأنه أي النسخ رفع للحكم «وتبديل» أي: تحويل «في علمنا» أي: بالنظر إلى علمنا «لظهور إطلاقه» أي: الحكم «في البقاء» أي: بقاء الحكم في المستقبل، فقد ارتفع استمراره في المستقبل بالنظر إلى ظننا، وأما في نفس الأمر فلا رفع؛ لعلم الله بانتهاء أمد الحكم، وهذا قريب مما ذكره في شرح المختصر جواباً على من رجح هذا الحد الذي ذكره المؤلف #، وهو منسوب إلى الفقهاء كما ذكره ابن الحاجب، وذلك أنهم عدلوا عن حد ابن الحاجب لعدم إمكان الرفع؛ إذ الفعل⁣[⁣١] الماضي والحاضر لا يتصور رفعها، وبالنظر إلى المستقبل لم يتعلق به الخطاب فلا رفع؛ لاقتضائه سابقه الوجود، فذهبوا لأجل ذلك إلى أن النسخ بيان أمد التعلق بالمستقبل المظنون استمراره قبل سماع الناسخ مع أنه لم يكن مستقراً في نفس الأمر، فبسماع الناسخ زال قطعاً، قال في شرح المختصر: وهو مرادنا بالرفع ومرادهم - أي: الفقهاء - بالانتهاء، فصار لفظياً. قال في الجواهر: فتبين أن الرفع الحقيقي لا يتصور، فالأولى الرجوع إلى اعتبار الفقهاء. قلت: وقد أشار المؤلف # بقوله: فالبحث عن الترجيح بينهما قليل الجدوى إلى ما عرفت من ترجيح حد الفقهاء بعدم إمكان الرفع، وإلى ما ذكره في الجواهر من ترجيح حدهم أيضاً بأن الرفع الحقيقي لا يتصور.

(قوله): «لأن صدق كل منهما باعتبار دون آخر» فيصدق بيان انتهاء الحكم في علم الله تعالى لا في علمنا، ويصدق الرفع في علمنا لا في علم الله تعالى، =


(١) دليل شرعي متأخر. (عضد).

(٢) كما حده بعض الفقهاء. (فصول بدائع).


[١] عبارته لرفع الحكم الشرعي، فليس الكلام في الفعل فتأمل. (ح عن خط شيخه).