(الباب السادس من المقصد الرابع في) مباحث (الناسخ والمنسوخ)
  وهو محال، مع أنا نعلم بالضرورة أن ذلك كسائر المعاني النفسية يمكن التعبير عنه والإخبار به، وإلى نفيِ الوثوق بتأبيد حُكْمٍ مّا، وقد ذكرتم أحكاماً مؤبدة كالصلاة والصيام، وإلى جوازِ نسخ شريعتكم، وأنتم لا تقولون به.
  وجوابها: أنه (إن أريد) أن الحكم الأول إما مقيد بغاية وإما مؤبد (لفظاً) أي: مقرون بلفظ يفيد التقييد بالغاية أو التأبيد (فلا حصر) لجواز أن لا يكون مقيداً بغاية ولا مقروناً بتأبيد (وإلا) يكن المراد ذلك بل المراد أنه في نفس الأمر كذلك (فلا امتناع) للنسخ؛ لما تقرر من أنه مقيد في علم الله تعالى غير مقيد في علمنا(١)؛ [لظهور إطلاقه في البقاء، ولا نعني بالنسخ إلا رفع ما ليس بمقيد في علمنا](٢).
  (و) من الشبه: (قولهم) رواية (عن موسى) # أنه قال في شريعته: (هذه
(قوله): «ولا مقروناً بتأبيد» لجواز قسم ثالث، وهو أن يكون مرسلاً عن التقييد بهما.
(قوله): «وإلا يكن المراد ذلك بل المراد أنه في نفس الأمر كذلك» قد تقدم أن الذي في نفس الأمر هو الذي في علم الله تعالى فقط لا في علمنا، فإدخال قوله: غير مقيد في علمنا في سياق ما في نفس الأمر غير مناسب، لا سيما مع تعليله بقوله: لظهور إطلاقه في البقاء؛ إذ الذي في علم الله تعالى وفي نفس الأمر مقيد بأمد معلوم فلا بقاء له. ثم لا يخفى[١] أن الإشارة بقوله: كذلك لم تقع موقعها؛ إذ يصير المعنى بل المراد أنه في نفس الأمر كذلك أي مقروناً بالتأبيد لفظاً، وليس هذا بمراد للمؤلف #، فلو قال: إن أريد لفظاً فلا حصر إذ قيد يكون مطلقاً عن التقييد لفظاً فلا امتناع ... إلخ لكان أطهر في تأدية المراد.
(١) وأيضاً لو فرض أنه وقع مؤبداً فما ذكروه من لزوم التناقض مردود بأن المؤبد أولاً هو الفعل الذي هو محل الحكم، وتأبيد محل الحكم لا يستلزم تأبيد الحكم نفسه، والنسخ رفع للحكم لا للفعل، ولا يلزم من تأبيد أحدهما تأبيد الآخر، فالذي نسخ لم يؤبد، والمؤبد لم ينسخ، كما لو قال: صم رمضان أبداً، فالمؤبد هو الصوم، والحكم هو وجوب الصوم، ولا يلزم من تأبيد الصوم تأبيد وجوبه. أما لو أبد الحكم نفسه أيضاً امتنع نسخه، كأن يقول: الصوم واجب عليك أبداً، فإن مثل هذا لا يجوز نسخه. (من شرح جحاف على الغاية).
(*) وهذا تقرير ما تقدم من أن الخلاف لفظي.
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من المطبوع.
[١] عبارة المؤلف في جميع هذا قويمة» وقد شكل على كلام المحشي. (حسن بن يحيى عن خط العلامة السياغي).