هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب السادس من المقصد الرابع في) مباحث (الناسخ والمنسوخ)

صفحة 142 - الجزء 3

  شريعة مؤبدة) وقال: الزموا السبت أبداً، وقال: تمسكوا بالسبت ما دامت السموات والأرض، فلو نسخت شريعة موسى لبطل قوله #، أما الملازمة فلدلالة قوله على تأبيد شريعته، وهو ينافي النسخ، وأما بطلان اللازم فلكونه قول رسول متواتراً فلا يمكن بطلانه سنداً ولا معنى.

  والجواب: منع كونه قول موسى، بل هو (مختلق) فلا يكون متواتراً، قيل: اختلقه ابن الراوندي، والدليل على أنه مختلق: أنه لو كان صحيحاً عندهم لقضت العادة بأن يقولوه لنبينا ÷(⁣١) ويحتجوا به عليه، ولم يقع، وإلا لاشتهر عادة.

  (ونفى وقوعه في القرآن)⁣(⁣٢) خاصة (أبو مسلم) محمد بن بحر الأصفهاني


(قوله): «فلا يمكن بطلانه سنداً» لتواتره.

(قوله): «ولا معنى» لكونه قول رسول صادق.


(١) حين طلب منهم الدخول في شريعته؛ لقضاء العادة بأن الخصم لا يدع حجة ضعيفة على خصمه فضلاً عن صحيحة عنده، على أنه لو سلم صحته فهو إخبار بما يكون من عدم إيمان بعض متبعيه بغير شريعته لا حكم بعدم جواز رفعها كما هو المدعى، فهو كقوله تعالى: {لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَن}⁣[هود: ٣٦]. (شرح الجلال). وما ذكره من قوله: على أنه لو سلم ... إلخ لا يقبله لبيب. (من خط السيد حسين الأخفش |).

(٢) وسماه⁣[⁣١] أبو مسلم الأصفهاني من المعتزلة تخصيصاًً وإن كان في الواقع نسخاً؛ لأنه قصر للحكم على بعض الأزمان، فهو تخصيص في الأزمان كالتخصيص في الأشخاص، حتى قيل: إن هذا منه خلاف في وقوع النسخ، فالخلاف في نفيه النسخ لفظي؛ لان تسميته له تخصيصاً يتضمن اعترافه به؛ إذ لا يليق به إنكاره، كيف وشريعة نبينا محمد ÷ مخالفة في كثير لشريعة من قبله، فعنده ما كان مغيا في علم الله تعالى فهو كالمغيا في اللفظ، ويسمي الكل تخصيصاً، فسوى بين قوله تعالى: وأتموا الصيام إلى الليل وصوموا مطلقاً مع علمه تعالى أنه سينزل لا تصوموا ليلاً، وعند غيره يسمى الأول تخصيصاً، والثاني نسخاً. (من غاية الوصول للقاضي زكريا).

(*) فإن قيل: كيف يتصور من أحد من المسلمين مثل الأصفهاني إنكار تلك الضروريات من الدين؟ قلنا: لم ينكر عدم تلك الأحكام الزائلة، وإنما أنكر تعلقها بما بعد الناسخ، =


[١] في المطبوع: ورآه. والمثبت من غاية الوصول.