(الباب السادس من المقصد الرابع في) مباحث (الناسخ والمنسوخ)
  للفعل، والمذكور في هذه الشبهة وقوعه قبل مباشرة الفعل، فأين أحدهما عن الآخر(١)؟
  وقوله: (والقياس(٢) على الموت ممنوع حكمِ الأصل والجامع) إشارة إلى
= في وقت الفعل المقدر له شرعاً لا وقت المباشرة، فلا يدخل الفعل المطلق[١] في محل النزاع، وقد يقال: لو جعل[٢] المؤلف # فيما تقدم وقت الفعل ما هو أعم من الوقت المقدر للفعل شرعاً أو وقت المباشرة لدخل المطلق في محل النزاع، ولكن لا يجاب عن شبهة المخالف بما ذكره المؤلف #، بل يجاب بما ذكره بعض أهل حواشي[٣] شرح المختصر تحقيقاً لجواب الشارح المحقق عن هذه الشبهة، وحاصله أن يقال: إن أريد بالوقت هو الوقت المقدر له شرعاً سلمنا أن نسخ الفعل بعده ممتنع؛ لأن المكلف بعد انقضائه إما مطيع أو عاص، لكن لا نسلم أن نسخه مع الوقت المقدر له شرعاً ممتنع؛ إذ لا يلزم من امتناع نسخه مع الفعل امتناع نسخه مع وقت الفعل، فلا يلزم ثبوت المطلوب، وهو أن كل نسخ قبل وقت الفعل، وإن أراد بوقت الفعل وقت المباشرة سلمنا أن نسخه بعد تحقق المباشرة ممتنع؛ لأنه فعل وأطاع، لكن لا نسلم ما ذكر من الترديد بأن المكلف بعد وقت المباشرة إما مطيع أو عاص، بل هو مطيع، ولكن لا يجديكم تقدير وقت المباشرة؛ لأن الكلام فيمن لم يفعل شيئاً من أفراد الفعل ولم يباشره أصلا.
(١) هكذا أجاب السعد عن هذه الشبهة، وما ذكره المؤلف في تقريرها هو المذكور في شرح المختصر، وبه أوضحنا الكلام في الحاشية فخذه منها. (من خط سيلان).
(٢) في شرح ابن جحاف ما لفظه: قالوا ثانياً: كما يجوز بالموت رفع التكليف بالفعل قبل الإمكان كما إذا قال له: افعل كذا ثم يميته عقيب القول قبل التمكن كذا يجوز أن ينسخ عنه قبل التمكن، والجامع أن كلاً من النسخ والموت رفع للتكليف، فإذا جاز الرفع في أحدهما قبل التمكن جاز في الآخر، ووقوعه بالموت معلوم، فكذا النسخ. قلنا: ممنوع حكم الأصل والجامع، أما حكم الأصل فلأنه لا يجوز عليه تعالى أن يكلف أحداً بفعل يعلم أنه يميته قبل التمكن من فعله؛ لأن التكليف به يصير عبثاً أو تغريراً وتلبيساً بأن المراد الفعل والمراد العزم وحده، فلو تناول المكلفين خطاب عام علم أن الذي يموت قبل التمكن لم يتناوله خطاب التكليف وكان العام مخصصاً بدليل العقل؛ لأن شرط التكليف التمكن من الفعل وإلا لم يجز. وأما الجامع فلأن الموت لم يكن رفعاً، إنما هو دال على أن الفعل الذي سبق الموتُ التمكنَ من فعله غيرُ مكلف به فلا رفع، وكذلك النسخ أيضاً لا رفع فيه، إنما هو بيان انتهاء الحكم لانتهاء تعلق المصلحة.
[١] فلا يدخل الوقت ... إلخ كذا ظنن بخط ح.
[٢] قف فتأمل في هذا البحث. (ح عن خط شيخه).
[٣] هو في حاشية الأبهري.