[مسألة: في حكم الناسخ إذا ورد إلى النبي قبل تبليغه]
  رسول الله ÷ وأصحابه كانوا يصلون الخمس قبل ذلك بمدة مديدة.
[مسألة: في حكم الناسخ إذا ورد إلى النبي قبل تبليغه]
  مسألة: الناسخ إذا ورد(١) إلى النبي ÷ فقبل تبليغه إلى المكلفين هل يثبت حكمه في حقهم أم لا يثبت، بل هم في التكليف بالفعل الأول على ما كانوا عليه قبل ورود الناسخ؟ فذهب بعض الشافعية إلى الإثبات (و) المختار عند أصحابنا والحنفية وأحمد بن حنبل وبعض الشافعية: أن (الناسخ لا يثبت حكمه قبل تبليغه #) وذلك لوجوه، منها: أنه (كغيره) من الأحكام المبتدأة، فإنهم لا يقولون بثبوت حكمها في حق من لم تبلغ إليه، وكما قبل التبليغ إلى
= ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي، وذكر الشافعي عن بعض أهل العلم أن صلاة الليل كانت مفروضة ثم نسخت بقوله: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ}[المزمل: ٢٠]، فصار الفرض قيام بعض الليل، ثم نسخ ذلك بالصلوات الخمس، واستنكر محمد بن نصر المروزي ذلك وقال: الآية تدل على أن قوله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} إنما نزل بالمدينة لقوله تعالى فيها: {وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيل}[المزمل: ٢٠]، والقتال إنما وقع بالمدينة، والإسراء كان بمكة قبل ذلك، وما استدل به غير واضح؛ لأن قوله تعالى: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ}[المزمل: ٢٠] ظاهر في الاستقبال، وكأنه سبحانه امتن عليهم بتعجيل التخفيف قبل وجد المشقة التي علم أنها ستقع لهم. (فتح الباري).
(١) قال صاحب جمع الجوامع: والمختار أن الناسخ قبل تبليغه ÷ الأمة لا يثبت في حقهم. وقيل: يثبت بمعنى الاستقرار في الذمة لا الامتثال. اهـ قال الشارح أبو زرعة: لا يثبت الحكم الشرعي قبل بلوغه إلى النبي ÷، فإذا بلغه ثبت في حقه وحق كل من بلغه، أو لم يبلغه لكن تمكن من العلم به، فإن لم يبلغه ولا تمكن من العلم به فهو محل الخلاف. قال الجمهور: لا يثبت لا بمعنى الامتثال ولا بمعنى الثبوت في الذمة. وقال: بعضهم يثبت بالمعنى الثاني كالتأثيم[١]. وذكر القاضي أبو بكر أن الخلاف لفظي. وقال ابن دقيق العيد: لا شك أنه لا يثبت في حكم التأثيم، وهل يثبت في حكم القضاء إذ هو من الأحكام الوضعية؟ هذا فيه تردد؛ لأنه ممكن، بخلاف الأول؛ لأنه يلزم منه تكليف ما لا يطاق. قلت: وهو بمعنى كلام المصنف، فالذي عبر عنه المصنف بالاستقرار في الذمة هو الذي عبر عنه بالقضاء، والذي عبر عنه المصنف بالامتثال هو الذي عبر عنه بالتأثيم، والله أعلم.
[١] في شرح أبي زرعة: كالنائم.