[مسألة: في حكم الناسخ إذا ورد إلى النبي قبل تبليغه]
  الرسول فإنه لا يثبت حكمه بالاتفاق.
  (و) منها: قوله: (لاستلزامه تكليف الغافل)(١) وهو ممتنع كما سبق.
  (و) منها: أنه يستلزم (اجتماع الضدين) في محل واحد، وهو محال، بيانه: أن العمل بالأول حرام لمكان الناسخ، وواجب للقطع بتأثيم(٢) تاركه، والعمل بالثاني واجب لكونه ناسخاً، وحرام لاستلزامه ترك واجب، وهو العمل بالأول.
  قالوا: حكم متجدد فلا يعتبر علم المكلف به، كما بعد بلوغه إلى مكلف واحد فإن حكمه يثبت في حق الجميع اتفاقاً(٣).
  قلنا: الفارق بينهما - وهو التمكن من العلم - معتبر قطعاً، وإلا كان تكليف الغافل، وهو من ليس له صلاحية الفهم لا من ليس عالماً لتقصير، وإلا لم يكن(٤) الكفار مكلفين.
(قوله): «الفارق بينهما» أي: بين ما بلغ إلى واحد وما بلغ إلى النبي ÷ فقط.
(قوله): «وهو التمكن من العلم» يعني وهو فيما نحن فيه لم يتمكن المكلف من العلم بخلاف ما قد بلغ إلى واحد من المكلفين. وقد قرر بعض شراح الفصول لهم الاستدلال بغير ما ذكره المؤلف #، وهو أن النبي ÷ مكلف كسائر المكلفين، وقد ثبت أن الحكم الشرعي إذا بلغ إلى =
(١) وهو غير العالم بالحكم.
(٢) لا يخفى أن التأثيم مصادرة؛ لأنه فرع بقاء حكم المنسوخ، والخصم مانع لبقائه، لا سيما إذا كان ممن يعتبر الانتهاء. (جلال).
(*) إن قيل: التأثيم باعتبار الظاهر فقط؛ كمن في جهة نازحة لم يبلغه الناسخ مع كونه قد بلغ غيره، وكمخالف الحق في اجتهاده عند المخطئة، فإنه لو ترك ما أداه إليه اجتهاده يأثم وإن كان الحق تركه؛ لأن المراد منه خلافه، والله اعلم.
(٣) قد يقال: الاتفاق إنما هو بشرط بلوغه إليه أو تمكنه من معرفته لا مطلقاً، فالمسألتان متفقتان في الحكم وهو أنه لا يثبت في حق الغافل.
(*) وهاهنا قد علمه بعض المكلفين، وهو النبي ÷. (جلال معنى).
(٤) أي: ولو لم يكن الغافل من ليس له صلاحية الفهم بل من ليس عالماً لتقصير يلزم أن لا يكون الكفار مكلفين والحق خلافه.