هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[طرق معرفة الناسخ من المنسوخ]

صفحة 154 - الجزء 3

[طرق معرفة الناسخ من المنسوخ]

  (ويعرف) الناسخ ويتميز من المنسوخ إما (بعلم تأخره) عن المنسوخ (أو ظنه) وذلك بضبط التاريخ، مثل أن يعلم أو يظن أن هذه الآية نزلت في غزوة كذا وتلك في غزوة كذا، وهذه في خامسة الهجرة وتلك في سادستها مع تعذر الجمع بينهما، وكحديث جابر: كان آخر الأمرين من رسول الله ÷ ترك الوضوء مما مست النار.

  واعلم أن خبر الآحاد في ضبط التاريخ ونحوه مقبول ومعمول به في النسخ وإن كان المنسوخ قطعياً كالكتاب والسنة المتواترة؛ لكون الناسخ قطعياً⁣(⁣١)، والظن إنما هو في كونه متصفاً بالنسخ، على أن استفادة النسخ من خبر الواحد إنما هو بالتضمن أو الالتزام، ومثل ذلك يغتفر فيه ما لا يغتفر فيما إذا كان أصيلاً،


= واحد من المكلفين ثبت حكمه على جميعهم، وأجاب بأن المكلف فيما انفصل عن النبي ÷ متمكن من العلم به فتعلق به التكليف، دون ما لم ينفصل عنه، قال: وهو تهافت⁣[⁣١]؛ لأنا إذا لم نجعل العلم بالحكم شرطاً في الوجوب وأوجبنا السؤال عن الحكم فلا فرق بين سؤال الرسول ÷ وبين سؤال من بلغه، وإن جعلناه شرطاً في الوجوب فتحصيل شرط الواجب ليجب لا يجب.

(قوله): «أو ظنه» أي: ظن تأخره.

(قوله): «بالتضمن أو الالتزام» ما أورده المؤلف # مثال للالتزام.


(١) وهو المعارض لهذا القطعي الذي عينه خبر الآحاد للنسخ؛ إذ الفرض أنه تعارض متواتران فعين خبر الآحاد أحدهما للنسخ. وعبارة المختصر وشرحه للجلال هكذا: وأما إذا تعارض متواتران وعين الصحابي الناسخ منهما كان في تعيين أحد المتواترين نظر، أي: احتمالان؛ لأنا إن نظرنا إلى أن العمل إنما تفرع عن تعيينه كان ذلك نسخاً بقوله، وإن نظرنا إلى أن قوله ليس إلا قرينة والناسخ هو المتواتر الآخر لم يكن العمل بمجرد قوله، وقد يكون للمجموع حكم غير حكم أجزائه.


[١] يقال: الفرق أوضح، أراد الذي ذكره ابن الإمام، ويؤيده ما سيأتي للشارح في باب الاجتهاد في مسألة الاجتهاد في عصره ÷ حيث قالوا: للتمكن من العلم من الرسول ÷، فأجاب بالمنع؛ لأن إخبار الرسول ÷ غير مقدور لهم ... إلخ، فمن تأمله عرف أن الفرق صحيح لا غبار عليه فتأمل، والله أعلم. (من خط السيد أحمد بن محمد بن إسحاق ح).