(الباب السادس من المقصد الرابع في) مباحث (الناسخ والمنسوخ)
  حكمه) أما الأول فلأن الآيات لم ترتب في المصحف ترتيب النزول، وأما الثاني فقد قيل: إنه يحكم بتأخر موافق الأصل(١) من حيث إنه لو حكم بتقدمه لم يفد إلا ما علم بالأصل فيعرى عن الفائدة الجديدة، وإذا حكم بتأخره أفاد الآخر(٢) رفع حكم الأصل وهذا رفع حكم الأول، وذكر القاضي عبد الجبار أنه يحكم بتقدم موافق حكم العقل على المخالف فيكون المخالف ناسخاً والموافق منسوخاً، والكل غير معمول به؛ لأنه لا يمتنع أن يكون ابتداء الشريعة جاء بخلاف ما في الأصل أو بما يوافقه(٣) من أن العلم بكون ما علم بالأصل مقرراً
= النزول كالحداثة وتأخر الإسلام في أن المتأخر منهما قد يكون منقوله متقدماً، لكن هذا التشبيه لا يجري في موافقة الأصل وأخفية الحكم مع أن ظاهر العبارة أن هذا التشبيه شامل، فالأولى أن يكون هذا التشبيه عائداً إلى قوله: لا بقول صحابي، أي: وهكذا في عدم إفادة النسخ ترتب المصحف ... إلخ.
(قوله): «أو موافقة الأصل أو أخفية حكمه» الظاهر أن المراد أن الموافق والأخف لا يفيدان النسخ، وهذا هو الظاهر؛ ولذا قدم المؤلف # الحكم بتأخر الموافق.
(قوله): «وإذا حكم بتأخره» أي: بتأخر الموافق «أفاد الآخر» بفتح الخاء، وهو الناقل.
(قوله): «وهذا» أي: وأفاد هذا، أي: الموافق لحكم الأصل «رفع حكم الأول» وهو المخالف لحكم الأصل الناقل له.
(قوله): «والكل غير معمول به» أي: كلا الأمرين، وهما تأخر موافق الأصل وتقدمه.
(قوله): «ابتداء الشريعة» أي: الحكم المتقدم في الشريعة من المخالف والموافق.
(قوله): «جاءت بخلاف ما في الأصل» فيكون الموافق ناسخاً، وقوله: «أو بما يوافقه» أي: ما في الأصل، فيكون المخالف ناسخاً.
(١) البراءة الأصلية. اهـ لكن مخالفة البراءة الأصلية ليست بنسخ، بل ابتداء للحكم؛ ولهذا قيل: يحكم بتأخر موافقها ليكون مفيداً، وإلا كان تحصيلاً للحاصل.
قلت: ولا يطرد إلا حيث لا يكون ممتنعاً قبل الشرع لعرف أو غيره، أما إذا كان قبل الشرع حكم عرفي فإنه كاف في تحصيل فائدة الشرعي المخالف له وإن وافق البراءة عن حكم الشرع. (جلال).
(٢) أي: المخالف لحكم البراءة الأصلية. (شرح الشرح).
(٣) فيكون المخالف ناسخاً.
(*) هذا يصلح رداً على عبد الجبار ومن خالفه، وقوله: مع أن ... إلخ رد على مخالف عبد الجبار فقط.