(الباب السادس من المقصد الرابع في) مباحث (الناسخ والمنسوخ)
  إلا ريثما يصلي العشاء الآخرة أو ينام فإذا صلاها أو نام حرم عليه الطعام والشراب والنساء إلى القابلة. وقيل: بالعكس(١)؛ لما يجيء من أن الشريعة مبناها على التخفيف. وفيه ما عرفت.
  فإن عرف الناسخ بطريق من الطرق المعتبرة عمل به (وإلا فالترجيح) بين المتعارضين هو الواجب إن أمكن فيعمل بالراجح ويطرح المرجوح، والترجيح بأحد طرقه الاتية في بابه إن شاء الله تعالى.
  (ثم) إن تعذر الترجيح لاستوائهما في جميع الوجوه الظاهرة فإنه يجب (الوقف) عن العمل بأيهما ويرجع في حكم الحادثة إلى غيرهما من شرع أو عقل، وهذا قول أصحابنا والأكثرين.
  وأشار إلى قول البعض بقوله: (أو التخيير) بينهما، وهو باطل؛ لأن فيه دفعاً لحكمهما(٢)، والظن قاض بحقية أحدهما، والقول بالتخيير مذهب من يجيز تعارض الأمارات(٣) من دون مرجح في نفس الأمر، والمذهب الصحيح أن ذلك غير متصور الوقوع من الشارع.
(قوله): «وفيه ما عرفت» من أن الأحكام مراعى فيها المصالح.
(١) في نسخة بعد هذا: لتأخر التشديدات.
(٢) يتأمل في قوله: دفعاً لحكمهما؛ إذ الظاهر أن يقال: دفع حكم أحدهما، وفيه تأمل. اهـ أو نقول: إن المراد الأحد الدائر؛ لأن التخيير بين الدليلين، وإذا عمل بأحدهما أبطل الآخر، وإذا عمل بالآخر أبطل الآخر.
(٣) وهو مذهب القاضي أبي بكر الباقلاني والجبائي وأبي هاشم كما يأتي.