هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في جواز النسخ لما قيد بالتأبيد]

صفحة 163 - الجزء 3

  صوموا⁣(⁣١) أبداً؛ لأن الفعل يَعْمَلُ بمادته، والوجوب مستفاد من الهيئة، فالتأبيد قيد فيما به العمل لا غير.

  أو كان ظاهراً محتملاً نحو: صوم رمضان يجب أبداً⁣(⁣٢)، فإن الظاهر كونه ظرفاً للوجوب، ويحتمل أن يكون ظرفاً للصوم⁣(⁣٣)، فكان ظاهراً في كونه قيداً للحكم محتملاً للخلاف؛ فجاز نسخه عند الجمهور لذلك.


(قوله): «مستفاد من الهيئة» أي: هيئة صيغة الأمر.

(قوله): «فالتأبيد قيد فيما به العمل» أي: في الذي بسببه العمل، وهو المادة، أعني الصوم؛ لأن عمل العامل في معموله بسبب تعلق المشتق منه - وهو الحدث - بذلك المعمول، فالتأبيد قيد للفعل الذي هو الصوم لا لإيجابه.

(قوله): «أو كان ظاهراً» عطف على قوله: قيداً للفعل⁣[⁣١]، فيكون المعنى أو كان التأبيد ظاهراً، ويكون مقتضى العطف أن الظهور والاحتمال في التأبيد لا في كون التأبيد قيداً للفعل أو للوجوب كما سيصرح به المؤلف #، ومعنى احتمال التأبيد أن يكون بصيغة عموم، وهذا هو الموافق لما فسر به السعد كلام شرح المختصر حيث قال: أي وإن لم يكن التأبيد نصاً بل ظاهراً مثل الصوم واجب في الأيام والأزمان قبل النسخ الذي هو خلاف التأبيد، وحمل ظاهر التأبيد على المجاز كالتخصيص اهـ ويؤيد⁣[⁣٢] هذا قول المؤلف # فيما يأتي: فإذا كان التقييد للحكم بلفظ التأبيد إنما يفيد الدلالة على ثبوت الحكم في جميع الأزمان بالظهور ... إلخ. وأما قوله #: نحو صوم رمضان يجب أبداً فقد جعله مثالا لما احتمل كونه قيداً للفعل أو للوجوب، ولا يظهر فرق بينه وبين ما جعله مثالا لما هو نص في كونه قيداً للحكم كما يأتي، وهو الصوم وأجب مستمر أبداً.


(١) فإن أبداً هاهنا ظرف للصوم لا لإيجابه عليهم؛ لأن الفعل يعمل بمادته لا بهيئته، ودلالة الأمر على الوجوب بالهيئة لا بالمادة، وفيه ما فيه. (شرح تحرير).

(٢) فإن الفعل أصل في العمل، والمختار في التنازع إعمال الثاني. (فصول بدائع).

(٣) ويحمل على خلاف الظاهر من إعمال الأبعد. (فصول البدائع).


[١] بل عطف على فعل الشرط فتأمل. (ح عن خط شيخه). وفي حاشية: لا تخلو هذه القولة جميعاً عن تأمل. (عن خط ح).

[٢] التأييد غير ظاهر، بل ظاهر في خلاف ما أراده المحشي، فتأمل في لفظ المؤلف فيما يأتي. (ح عن خط شيخه).