[مسألة: في جواز النسخ من غير بدل]
  وأما الإباحة(١) بعد نسخ وجوب الإمساك عن المباشرة بعد النوم أو صلاة العشاء وبعد تحريم ادخار لحوم الأضاحي فشرعية؛ لأن قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ}[البقرة: ١٨٧] صريح في ذلك، وكذا قوله ÷: «فادخروها».
  وقوله: (والمراد) في الآية (بلفظ أو بحكم يعم الشرعي والأصلي أو شرعي(٢) مخصص) إشارة إلى حجة المخالف وجوابها. وتقريرها: أن الله تعالى
= المتقدم في بحث الأحكام من أن الإباحة حكم شرعي على الأصح[١].
(قوله): «والمراد في الآية» أي: في قوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا}[البقرة: ١٠٦]، ولم يذكرها بخصوصها لشهرة الاستدلال بها.
(قوله): «أو بشرعي مخصص» المراد أن الآية - وهي: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا}[البقرة: ١٠٦] - عام مخصص كما بينه المؤلف # في الشرح وكما في شرح المختصر، ومقتضى عبارة المتن[٢] أن المخصص هو الحكم الشرعي المأتي به؛ لأن قوله أو مخصص عطف على يعم الشرعي، فيكون المعنى أو بحكم شرعي مخصص، وليس المراد من الجواب ذلك[٣].
(١) حاصله أنها إن ذكرت الإباحة في الناسخ كما في قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ ...} الآية [البقرة: ١٨٧]، وقوله ÷: «فادخروها» فهي شرعية؛ لدلالة الدليل الشرعي عليها، وإن لم يذكر في الناسخ إلا رفع الحكم الأول فقط كما في قوله تعالى: {فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا}[المجادلة: ١٣]، فهي أصلية؛ لعدم دلالته عليها. ولعله يمكن أن يقال: إن أريد عدم دلالته مطابقة أو تضمناً فمسلم، لكن دلالة الأدلة الشرعية غير منحصرة فيها، وإن أريد عدم دلالته التزاماً فممنوع؛ إذ رفع الوجوب أو الحرمة يدل على ضدهما التزاما فتأمل، والله أعلم.
(٢) الصواب أن يقول: أو شرعي وهي مخصصة، فعبارة المؤلف غير ظاهرة في المقصود عند أدنى تأمل. (من أنظار السيد حسين الأخفش).
[١] يقال: لكن المؤلف # ذكر فيما سبق في قوله: على الأصح أن الحق أن الإباحة لا تكون دائماً تقريراً للنفي الأصلي، كالذبح والركوب على الحيوان ... إلخ ما ذكره هناك من أنه شرعي اتفاقاً، وما ورد به الشرع مقرراً للنفي الأصلي ففيه ما سبقت الإشارة إليه من الخلاف، وهو الذي لا يكون مع زيادة شرط لا يقضي به العقل، فعند الشيخ أنه عقلي، وعند أبي الحسين أنه شرعي، وما نحن فيه من هذا القبيل الأخير، فيكون عقلياً عند الشيخ لا عند أبي الحسين. (ن ح).
[٢] قيل: هذا مبني على وهم أن قوله: «مخصص» صفة «لشرعي» وليس كذلك، بل هو خبر مبتدأ محذوف، أي: أو شرعي وهو مخصص، ويدل عليه تقرير الشرح دلالة واضحة، والله أعلم. (السيد إسماعيل بن إسحاق ح).
[٣] لأن المراد من الجواب أن الآية - وهي {مَا نَنْسَخْ} عام مخصص بآية النجوى التي فيها النسخ لا إلى بدل، وهذا هو المقصود، ومفهوم المتن أن المراد في الآية - وهي {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} - نأت بحكم شرعي مخصص، أو بلفظ أو حكم يعم الشرعي والأصلي، وهو غير مراد، والله أعلم، هذا الذي فهمته من كلام المحشي فينظر، فعلى هذا تحرير المراد نأت بلفظ خير أو بحكم شرعي أو أصلي خير، أو أن الآية إفادتها للعموم ظاهراً وهو مخصوص بمخصص شرعي كآية النجوى. (ن ح).