[مسألة: في جواز وقوع النسخ في القرآن]
  المنسوخة بآية السيف، وهي كثيرة.
  وأما نسخ التلاوة(١) دون الحكم فكما رواه الشافعي عن سعيد بن المسيب عن عمر قال: إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم أو يقول قائل: لا نجد حدين في كتاب الله ø، فلقد رجم رسول الله ÷، والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس(٢): زاد عمر في كتاب الله لأثبتها(٣): الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة، فإنا قد قرأناها، وروى الترمذي نحوه، والبخاري ومسلم عن ابن عباس عن عمر قريباً من هذا، وروى النسائي عن أبي أمامة أسعد بن سهل
(١) قال البرماوي في شرح ألفيته ما لفظه: تمثيل ما نسخ تلاوته وبقي حكمه بالشيخ والشيخة إذا زنيا استشكل من حيث يلزم من ذلك أن يثبت قرآن بالآحاد، وأن ذلك القرآن نسخ، حتى لو أنكره شخص كفر، ومن أنكر مثل هذا لا يكفر، وإذا لم تثبت قرآنيته لم يثبت نسخ قرآن. ويجري هذا الاعتراض في مثال ما نسخ حكمه وبقي تلاوته ونسخهما معاً؛ وذلك لأن نسخ المتواتر بالآحاد لا يجوز. وأجاب الهندي عن أصل السؤال بأن التواتر إنما هو شرط في القرآن المثبت بين الدفتين، وأما المنسوخ فلا، سلمنا لكن الشيء قد يثبت ضمناً بما لا يثبت به أصله كالنسب بشهادة القوابل على الولادة، وقبول الواحد في أن أحد المتواترين بعد الآخر، ونحو ذلك. قلت: وجواب آخر وهو: أن الصدر الأول يجوز أن يقع فيه التواتر ثم ينقطع فيصير آحاداً، فما روي لنا بالآحاد إنما هو حكاية عما كان موجوداً بشروطه فتأمله. اهـ منه والله أعلم.
(٢) وفي شرح البرماوي أيضاً على منظومته ما لفظه: وقع إشكال في قول عمر: لولا أن يقول الناس: زاد عمر في كتاب الله لكتبتها، فإنه إن كان جائز الكتابة كما هو ظاهر اللفظ فهو قرآن متلو، ولكن لو كان متلواً لوجب على عمر المبادرة بكتابتها؛ لأن مقال الناس لا يصلح مانعاً من فعل الواجب، قال السبكي: ولعل الله أن ييسر علينا حل هذا الإشكال، فإن عمر إنما نطق بالصواب ولكنا نتهم فهمنا. قلت: يمكن تأويله بأن مراده لكتبها منبهاً على أنها نسخت تلاوتها؛ ليكون في كتبها في محلها أمن من نسيانها بالكلية، لكن قد تكتب من غير تنبيه فيقول الناس: زاد عمر، فتركت كتابتها بالكلية، وذلك من دفع أعظم المفسدتين بأخفهما.
(٣) لكن هذا وهم على مذهب المصنف في أن ما نقل آحاداً فليس بقرآن. ومثله حديث عائشة وزيادة أنه لم ينسخ منطوقة وإنما رفع المفهوم، وكان إباحة أصلية لا حكماً شرعياً. (من شرح الجلال).