هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب السادس من المقصد الرابع في) مباحث (الناسخ والمنسوخ)

صفحة 183 - الجزء 3

  بن حنيف عن خالته ^ قالت: لقد أقرأنا رسول الله ÷ آية الرجم: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة بما قضيا من لذتهما، ورواه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه من حديث أبي ذر ¥، وفي روايتهما أنها كانت في سورة الأحزاب. والمراد بالشيخ والشيخة المحصنان. فالحكم باق واللفظ مرتفع⁣(⁣١).

  (ومنع) النسخ (في الأخيرين) وهما نسخ الحكم فقط والتلاوة فقط، فقد روي عن بعض الأصوليين منع نسخ الحكم دون التلاوة، وعن بعضهم المنع من نسخ التلاوة مع بقاء الحكم، وبه جزم السَّرَخْسِي⁣(⁣٢)، وعن بعضهم المنع من القسمين معاً.

  (لنا) في الاحتجاج لمذهب الجمهور: أن (القطع بالجواز) لنسخ كل من التلاوة والحكم دون الآخر حاصل، فإن جواز تلاوة الآية حكم من أحكامها، وما تدل عليه من الأحكام حكم آخر لها، ولا تلازم بينهما، وإذا ثبت ذلك جاز نسخ أحدهما دون الآخر كسائر الأحكام المتباينة.

  (و) لنا أيضاً: (الوقوع) لنسخ كل منهما دون الآخر كما تقدم بيانه، والوقوع فرع الجواز.

  (قيل) في الاحتجاج للمانعين، وهو لمن يمنع من نسخ كل منهما دون الآخر: (هما) أي: التلاوة⁣(⁣٣) والحكم في التلازم بينهما ودلالتها عليه (كالعلم مع


(١) وهل يثبت لمنسوخ التلاوة حكم القرآن أم لا؟ الأشبه جواز مس المحدث للمنسوخ لفظه، أي: تلاوته؛ لأنه لم يبق قرآناً اتفاقاً، بخلاف ما لم ينسخ تلاوته. (من شرح الجلال والمختصر).

(٢) السرخسي بفتح السين والراء المهملتين وسكون الخاء المعجمة وبعدها سين مهملة، هذه النسبة إلى سرخس، وهي من بلاد خراسان. (من تاريخ ابن خلكان).

(٣) قالوا التلاوة مع حكمها كالعلم مع العالمية، أي: أن التلاوة موجبة للحكم كما يوجب العلم صفة العالمية لمن حصل له العلم، وفي العبارة قلب، وحقها أن يقال: الحكم مع التلاوة كالعالمية مع العلم؛ لأن المعلول هو الذي مع العلة لا العكس. (مختصر وشرح الجلال عليه).