هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب السادس من المقصد الرابع في) مباحث (الناسخ والمنسوخ)

صفحة 184 - الجزء 3

  العالمية⁣(⁣١) والمنطوق مع المفهوم)⁣(⁣٢) فكما أن العلم والعالمية لا ينفك أحدهما عن الآخر وكذلك المنطوق⁣(⁣٣) والمفهوم فالتلاوة والحكم يجب أن يكونا كذلك.

  (قلنا:) لا نسلم ثبوت (العالمية) فإن ثبوتها (فرع ثبوت الأحوال⁣(⁣٤)) والحال هو الواسطة بين الموجود والمعدوم (وهو) عند الجماهير من أئمة أهل البيت $ وغيرهم (باطل) لما علم ضرورة من أن الموجود ما له تحقق، والمعدوم ما ليس كذلك، ولا واسطة بين النفي والإثبات؛ ولذا قال بعض أئمة أهل البيت $ في وصف اعتقادات آبائه الصحيحة من قصيدة طويلة:

  لم يثبتوا صفة للذات زائدة ... ولا قضوا باقتضا حال لأحوال

  (والمفهوم غير لازم)⁣(⁣٥) للمنطوق؛ لتخلفه عنه في كثير من الصور كما


(قوله): «فرع ثبوت الأحوال، هي الصفات عند المعتزلة، والحال هو كونها واسطة؛ لأنهم يقولون⁣[⁣١]: هي أزلية ثابتة في الأزل لا قديمة، أي: موجودة في الأزل، فقوله: لم يثبتوا صفة أي: حالاً.

(قوله): «بعض أئمة» هو الواثق المطهر بن محمد #.

(قوله): «والمفهوم غير لازم» أي: غير لازم باعتبار الذات، لا الفهم من المنطوق، فقوله: لتخلفه عنه ... إلخ لا يفيد المقصود؛ إذ المراد تخلف حكم المفهوم لا فهمه من المنطوق، وعبارة العضد: ونحن لسنا ممن يقول بالمفهوم، ولا تخلو عن قصور؛ إذ المراد ليس ممن يقول بحكم المفهوم، وإن أراد غير لازم حكمه للمنطوق استقام الاستدلال بقوله: لتخلفه عنه، أي: لتخلف حكم المفهوم في كثير من الصور، نحو ما خرج مخرج الأغلب أو كان جواباً لسؤال أو غير ذلك مما تقدم، لكنه لا ينتهض بذلك الجواب، والله أعلم.


(١) هي صفة العالم، وهي كونه عالماً.

(٢) وأجيب بمنع كون العالمية مع العلم والمفهوم مع المنطوق مثل الحكم مع التلاوة على زعمكم؛ إذ لا جامع؛ فإن العالمية هي نفس العلم، وليس الحكم نفس التلاوة، والمفهوم غير متحقق مع المنطوق عند بعض. (منتهى السؤل).

(٣) تحريم التأفيف، والمفهوم تحريم الضرب. (منتهى السؤل).

(٤) الزائدة على قيام العلم بالعالم. (من شرح الجلال).

(٥) إن قيل: المراد أنه لا يتصور مفهوم من دون منطوق، وأما العكس فيمكن، فيكون حجة لمن يمنع نسخ التلاوة دون الحكم.


[١] قف وخذ الخوض من مظانه؛ لأن كلام المحشي لا يخفى ما فيه. (ح عن خط شيخه).