(الباب السادس من المقصد الرابع في) مباحث (الناسخ والمنسوخ)
  واعتقاد ثبوته لبقائها (ويرفع الفائدة)(١) عن القرآن؛ لانحصار فائدة اللفظ في إفادة مدلوله، فإذا لم يقصد(٢) أصلاً أو قصد ولكن من غير ذلك اللفظ فقد بطلت فائدته فيكون عبثاً، والتجهيل والعبث قبيح لا يجوز على الله تعالى (ورد بالمنع) للأمرين، أما الإيقاع في الجهل فلأنه منتف (مع الدليل) الدال على بقاء التلاوة أو الحكم دون الآخر؛ إذ المجتهد يعلم بالدليل، والمقلد يعلم بالرجوع إليه.
  وأما رفع الفائدة فكذلك لأنها مع بقاء التلاوة كونه قرآناً يتلى للثواب (وكونه معجزاً)(٣) بفصاحة لفظه، ومع بقاء الحكم قد حصلت في الابتداء.
  وقد يقرر هذا الاحتجاج على وجه يكون حجة للمانعين من نسخ التلاوة دون الحكم فقط وللعاكسين، ويؤخذ مما سبق تقريراً وجواباً.
(قوله): «في إفادة مدلوله» وهو الحكم، وقوله: «فإذا لم يقصد» أي: الحكم.
(قوله): «كونه قرآنا» خبر أنها، وقوله: ومع بقاء الحكم يعني فقط، وهو عطف على مع بقاء التلاوة.
(قوله): «وللعاكسين» أي: فقط، وهم المانعون من نسخ الحكم دون التلاوة.
(قوله): «ويؤخذ مما سبق» بأن يقال: نسخ التلاوة دون الحكم يوقع في الجهل ويرفع الفائدة، ونسخ الحكم دون التلاوة كذلك، والجواب بالمنع.
(١) بأن ينسخ الحكم وتبقى التلاوة.
(٢) بأن نسخت التلاوة وبقي الحكم، فإنه يستفاد حينئذ من غير اللفظ المنسوخ.
(٣) لكن لا يخفى بعد القصد إلى هاتين الفائدتين، فالحق أنه إنما يصح نسخ التلاوة دون الحكم لا العكس، وأما الاعتداد بالحول فلم تكن النساء مأمورات به، وإنما الرجال هم الذين أمروا بالإيصاء لهن بذلك، والوصية للوارث لا إجماع على منعها وإن منعها البعض، وثبات الواحد للعشرة لم يكن بصيغة الأمر، وإنما هو بصيغة الخبر، ونحو ذلك في غير ما ذكر. (شرح جلال).