هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: فيما يجوز النسخ به]

صفحة 187 - الجزء 3

[مسألة: فيما يجوز النسخ به]

  (مسألة: ويحوز نسخ القرآن والمتواتر والآحاد كل بمثله اتفاقاً) ولا يخالف فيه إلا من يمنع النسخ مطلقاً أو من يمنعه في القرآن، فيجوز نسخ القرآن بالقرآن كآيتي العدتين، والخبر المتواتر بالخبر المتواتر، ومثاله عزيز، وقد مثله القرشي بنسخ المتعة ونسخ الكلام في الصلاة. والخبر الآحادي بالخبر الآحادي، نحو حديث الصحيحين: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها»؛ لإفادة: «كنت نهيتكم» أن النهي كان من السنة، وكنسخ نكاح المتعة، ونسخ الوضوء مما مسته النار ومن مس الفرج، وهو كثير.

  (و) يجوز نسخ (الأضعف بالأقوى) فيجوز نسخ الآحادي بالمتواتر اتفاقاً، ويجوز نسخ السنة متواترة كانت أو آحاداً بالقرآن عند الجمهور، كنسخ تحريم مباشرة الصائم أهله ليلاً بعد النوم أو صلاة العشا بقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ ..} الآية [البقرة: ١٨٧]، وكالتوجه إلى بيت المقدس فإنه كان بالسنة⁣(⁣١) ثم نسخ بقوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}⁣[البقرة: ١٤٤]؛ (لأنه) أي: الأضعف (إن كان الآحاد فظاهر) جواز نسخه بالكتاب والسنة المعلومة؛ لأن جواز نسخه بالمتواتر متفق عليه، والكتاب أقوى منه؛ ولذا قدمه معاذ⁣(⁣٢)، ولما قدمناه⁣(⁣٣) من صور الوقوع.


(قوله): «لأن جواز نسخه» أي: الأضعف «بالمتواتر» أي: بالنسبة المتواترة.

(قوله): «يجوز» أي: قيل في الاستدلال: يجوز أن يكون نسخها - أي: الآحاد - بالسنة لا بالقرآن.


(١) وقيل: يمكن أن يقال فيه: إنه ثبت بشرع من قبلنا إلا أن يراد أن السنة قررته، وقد أشار إليه الشارح ¦ قريباً.

(٢) إشارة إلى الخبر الآتي في أوائل القياس في مسألة التعبد به.

(٣) هذا معطوف على مقدر يدل عليه السياق، والتقدير ثبت الاتفاق على جواز نسخ الآحاد بالمتواتر فيكون نسخها بالكتاب جائزاً أيضاً؛ لأنه أقوى، ولما قدمناه إلخ، والله أعلم.