[مسألة: فيما يجوز النسخ به]
  قيل: يجوز أن يكون نسخها بالسنة ويوافقها القرآن، أو يثبت المنسوخ بشرائع من قبلنا، أو بقرآن نسخ تلاوته.
  قلنا: لو قدح ذلك لما صح إجماع العلماء على صحة الحكم بناسخية نص علم تأخره عما يخالفه، وحجية شرائع من قبلنا معتبرة بما قص فيه(١)، ولم يقص في الكتاب، وما نسخ تلاوته لا يسمى قرآناً، بل سنة؛ لأنه وحي غير متلو، ولذا لا تجوز به الصلاة.
  ومن ذلك مصالحة الرسول ÷ أهل مكة في الحديبية على رد نسائهم، ثم نسخ بقوله تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ ...} الآية [الممتحنة: ١٠].
  (أو) كان الأضعف هو (المتواتر) والأقوى الكتاب (فلا أقل من الجواز) لنسخه بالكتاب؛ للقطع بإمكانه في نفسه وعدم لزوم المحال منه كعكسه، والمدعى إنما هو الجواز لا الوقوع.
  (وقيل: يمتنع نسخ السنة) معلومة كانت أو مظنونة (بالقرآن) وهو قول الشافعي، صرح به في رسالته، قال القاضي عبد الجبار: ومن أصحابه من يضيف إليه جواز ذلك، وليس بظاهر من قوله، لكنه لما رأى المسألة تضعف على النظر جعله قولا آخر حسب ما يفعله كثير منهم، انتهى كلامه.
(قوله): «ويوافقها القرآن» والحكم الموافق لنص لا يجب أن يكون منه.
(قوله): «أو ثبت» أي: المنسوخ «بشرائع من قبلنا» لا بالسنة، يعني ونسخ بالقرآن.
(قوله): «أو بقرآن نسخ تلاوته» فيكون من نسخ القرآن بالقرآن لا بالسنة[١].
(قوله): «لو قدح ذلك» أي: التجويز.
(قوله): «عما يخالفه» لجواز أن يكون الناسخ غيره.
(قوله): «لا يسمى قرآنا» فلا يكون من نسخ القرآن بالقرآن حتى يتم جواب المخالف.
(قوله): «هو المتواتر» ووجهه ضعفه من حيث إنه سنة.
(قوله): «كعكسه» نسخ الكتاب بالمتواتر من السنة.
(١) أي: في كتابنا.
[١] هذا مدفوع بقول ابن الإمام: وما نسخ تلاوته لا يسمى قرآنا بل سنة؛ لأنه وحي غير متلو. (ح).