هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: فيما يجوز النسخ به]

صفحة 188 - الجزء 3

  قيل: يجوز أن يكون نسخها بالسنة ويوافقها القرآن، أو يثبت المنسوخ بشرائع من قبلنا، أو بقرآن نسخ تلاوته.

  قلنا: لو قدح ذلك لما صح إجماع العلماء على صحة الحكم بناسخية نص علم تأخره عما يخالفه، وحجية شرائع من قبلنا معتبرة بما قص فيه⁣(⁣١)، ولم يقص في الكتاب، وما نسخ تلاوته لا يسمى قرآناً، بل سنة؛ لأنه وحي غير متلو، ولذا لا تجوز به الصلاة.

  ومن ذلك مصالحة الرسول ÷ أهل مكة في الحديبية على رد نسائهم، ثم نسخ بقوله تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ ...} الآية [الممتحنة: ١٠].

  (أو) كان الأضعف هو (المتواتر) والأقوى الكتاب (فلا أقل من الجواز) لنسخه بالكتاب؛ للقطع بإمكانه في نفسه وعدم لزوم المحال منه كعكسه، والمدعى إنما هو الجواز لا الوقوع.

  (وقيل: يمتنع نسخ السنة) معلومة كانت أو مظنونة (بالقرآن) وهو قول الشافعي، صرح به في رسالته، قال القاضي عبد الجبار: ومن أصحابه من يضيف إليه جواز ذلك، وليس بظاهر من قوله، لكنه لما رأى المسألة تضعف على النظر جعله قولا آخر حسب ما يفعله كثير منهم، انتهى كلامه.


(قوله): «ويوافقها القرآن» والحكم الموافق لنص لا يجب أن يكون منه.

(قوله): «أو ثبت» أي: المنسوخ «بشرائع من قبلنا» لا بالسنة، يعني ونسخ بالقرآن.

(قوله): «أو بقرآن نسخ تلاوته» فيكون من نسخ القرآن بالقرآن لا بالسنة⁣[⁣١].

(قوله): «لو قدح ذلك» أي: التجويز.

(قوله): «عما يخالفه» لجواز أن يكون الناسخ غيره.

(قوله): «لا يسمى قرآنا» فلا يكون من نسخ القرآن بالقرآن حتى يتم جواب المخالف.

(قوله): «هو المتواتر» ووجهه ضعفه من حيث إنه سنة.

(قوله): «كعكسه» نسخ الكتاب بالمتواتر من السنة.


(١) أي: في كتابنا.


[١] هذا مدفوع بقول ابن الإمام: وما نسخ تلاوته لا يسمى قرآنا بل سنة؛ لأنه وحي غير متلو. (ح).