هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب السادس من المقصد الرابع في) مباحث (الناسخ والمنسوخ)

صفحة 190 - الجزء 3

  مبيناً بما ورد على لسانه من الكتاب والسنة جميعاً⁣(⁣١).

  (والجمهور) من أئمة الزيدية⁣(⁣٢) وغيرهم (على جواز نسخ القرآن بالمتواتر) من السنة، ومنعه الشافعي ¥، وتابعه على ذلك طائفة، وهو مروي عن بعض أئمة الزيدية⁣(⁣٣)، واختلف المانعون؛ فمنهم من منعه عقلاً كالحارث المحاسبي⁣(⁣٤) وعبدالله بن سعيد والقلانسي، وهو رواية عن أحمد بن حنبل، ومنهم من منعه سمعاً كالشيخ أبي حامد الإسفرائيني، وهو مقتضى كلام المانعين من أئمة الزيدية، وتؤول به مذهب الشافعي.

  احتج الجمهور بقوله: (لأنه معلوم متأخر) فرضاً (فوجب) على المكلفين (اتباعه) ولا مانع من معرفة كون حكم مصلحة بالقرآن ومعرفة كون بدله مصلحة بالسنة.

  (قيل) في الاحتجاج للمانعين سمعاً: قال الله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا) أَوْ مِثْلِهَا}⁣[البقرة: ١٠٦]، وهو يدل على عدم جواز نسخ القرآن بالسنة من وجهين: أحدهما: أن ما ينسخ به القرآن يجب أن يكون خيراً أو


(١) ولا يخفى ما في قوله: {الذِّكْرَ} ففيه إشارة إلى أن التبيين به لا بغيره. اهـ يحقق إن شاء الله تعالى.

(٢) القاسم وابنه محمد والناصر، وكذا الهادي في رواية، قال الفقيه عبدالله بن زيد: روي عن الهادي # أنه لا يجوز نسخ الكتاب بالسنة المتواترة، قال في الجوهرة: وهي مغمورة عن الهادي، قال الإمام محمد بن المطهر: الرواية عن الهادي شاذة؛ لأنه أعظم من أن ينسب إليه مثل ذلك وإن صحت فمراده منع نسخ القرآن بالآحاد؛ لأن مسائله تقضي بجواز نسخ الكتاب بالسنة المعلومة. (من حواشي الفصول).

(*) وهو قول أمير المؤمنين #، قال في حواشي الفصول: ذكره الإمام يحيى في شرح قوله #: ومنه مثبت في الكتاب فرضه ومعلوم في السنة نسخه.

(٣) وقد يؤول ما روي عنهم إن صح بأن مرادهم منع النسخ بالآحاد؛ لأن مسائلهم تدل على جواز النسخ بالمتواتر، ولا نص لهم بما روي عنهم، وقد ذكر هذا القدح في الرواية عنهم والتأويل على تقدير الصحة عنهم الإمام محمد بن المطهر #.

(٤) ضبط في نسخة بعض العلماء بضم الميم، قال: وضبط في نسخة بفتح الميم.