هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب السادس من المقصد الرابع في) مباحث (الناسخ والمنسوخ)

صفحة 191 - الجزء 3

  مثلاً، والسنة ليست كذلك. ثانيهما: أنه قال: {نَأْتِ} والضمير لله، فيجب أن لا ينسخ إلا بما يأتي به الله، وهو القرآن.

  (قلنا: المراد) من قوله: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} (الحكم، وهو خير) أو مثل في حق المكلف⁣(⁣١) حكمة أو ثواباً⁣(⁣٢)، (سلمنا⁣(⁣٣) فغير الناسخ) إذ لا يمتنع أن يكون المراد بالآية على موجب ظاهرها أن الله تعالى متى نسخ آية أنزل آية أخرى مثلها أو خيراً منها وإن لم تكن هي الناسخة للأولى، بل يكون الناسخ لها أمراً آخر (سلمنا⁣(⁣٤) ففي التلاوة) يعني لم لا يكون المراد في الآية نسخ التلاوة؟ فإذا نسخ تعالى تلاوة آية بدلها بآية تلاوتها خير منها في الثواب أو مثل.

  وقوله الضمير لله⁣(⁣٥) في {نَأْتِ} لا يمنع النسخ بالسنة؛ لأن الكتاب والسنة جميعاً من عند الله، قال الله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ٣ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ٤}⁣[النجم]، وبه يعلم الجواب عن تمسكهم بقوله تعالى: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي}⁣[يونس: ١٥] إن لم يكن المراد لا أضع لفظاً لم ينزل مكان ما أنزل.

  وأما المانعون عقلاً فاحتجوا بأن تجويزه⁣(⁣٦) يؤدي إلى التنفير عن الأنبياء وعن


(قوله): «فغير الناسخ» أي: فيكون الخير أو المثل غير الناسخ.

(قوله): «لا أضع لفظاً لم ينزل ... إلخ» فيكون ظاهراً في الوحي وعدم تبديل لفظه، فلا يدل على منع تبديل الحكم.


(١) لا في حق القرآن فحقه - أي: خيره - أعظم من السنة.

(٢) هذا جواب عن الوجه الأول دون الثاني فينظر، وجواب الثاني يأتي قريباً. اهـ وهو قوله في الشرح: أحدهما ما ينسخ به القرآن إلخ.

(٣) أنه ليس المراد بالخير أو المثل الحكم.

(٤) أن المراد بالخير أو المثل هو الناسخ.

(٥) هذا جواب الوجه الثاني، أعني قوله: ثانيهما ... إلخ.

(٦) أي: نسخ القرآن بالسنة المتواترة.