هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب السادس من المقصد الرابع في) مباحث (الناسخ والمنسوخ)

صفحة 193 - الجزء 3

  القاطع. وفي جمع الجوامع أن نسخ القرآن بالآحاد جائز غير واقع⁣(⁣١).

  وذهب القاضي أبو بكر الباقلاني والغزالي وأبو عبدالله البصري إلى جوازه في عصره⁣(⁣٢) عليه الصلاة والسلام لا بعده، ووافقهم الإمام يحيى بن حمزة من أئمة الزيدية $ على ذلك؛ لما يجيء من حديث أهل قباء وبعث الآحاد إلى الآفاق وغيرهما، وللإجماع على المنع فيما بعده إلى ظهور المخالف⁣(⁣٣).

  وذهب جمع من الظاهرية إلى جوازه⁣(⁣٤) ووقوعه؛ لأنه إذا جاز تخصيص القاطع بالآحاد جاز نسخه به؛ لأن ذلك تخصيص في الأعيان وهذا تخصيص في الأزمان، وأجيب بالفرق بأن التخصيص بيان وجمع بين الدليلين، والنسخ إبطال ورفع لأحدهما.

  قالوا: قد وقع، والوقوع فرع الجواز، بيان ذلك: أن التوجه إلى بيت المقدس كان متواتراً فاستداروا في قباء بخبر الواحد⁣(⁣٥)، ولم ينكره #، وأنه عليه وآله الصلاة والسلام كان يبعث الآحاد لتبليغ مطلق الأحكام حتى ما ينسخ متواتراً لو كان، ونسخ الوصية للوالدين والأقربين بقوله #: «لا وصية لوارث»، ونسخ قوله تعالى: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ}⁣[الأحزاب: ٥٢] بقول عائشة


(قوله): «ونسخ الوصية ... ونسخ قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ} ... إلخ [الأنعام: ١٤٥] معطوفات على التوجه في قوله: أن التوجه.


(١) عبارة جمع الجوامع: وقيل: يمتنع بالآحاد، والحق أنه لم يقع إلا بالمتواتر. فالظاهر أنه اختيار لصاحب الجمع لا أنه ينسبه إلى الحنفية.

(٢) يريد وقوعه.

(٣) الظاهرية.

(٤) هذا مثل قول متأخري الحنفية. اهـ يقال: لم يذكر المؤلف عنهم فيما سبق إلا الجواز فقط.

(٥) في نسخة: بخبر الآحاد.

(*) وقيل: إنه ÷ كان أشعرهم بالنسخ وأمرهم بالامتثال عند سماع الخبر بذلك، فصار النسخ بالمعلوم لا المظنون. (من تعليق ابن أبي الخير).