(الباب السادس من المقصد الرابع في) مباحث (الناسخ والمنسوخ)
  معارض راجح أو مساو، مع الاتفاق على جواز نسخها بالراجح.
  فإن قيل: ناسخ الآحاد متراخ فلا يكون ثابتاً في حق المكلف حين العمل بالمنسوخ، فلا يكون العمل بالمنسوخ مشروطاً، فلا يصدق إذا وجد الناسخ أنه زال شرط العمل به؛ لأن زوال الشيء يقتضي سابقيته(١).
  قلنا: وناسخ القياس يجب تراخيه عن أصله، وتراخيه عن أصله يستلزم تراخيه عن حكمه؛ للاتفاق على أنه مظهر للحكم لا مثبت له، فيكونان سواء(٢).
  احتج (الآخرون) وهم القائلون بالجواز مطلقاً والمفصلون، أما المجوزون
(قوله): «فلا يكون العمل بالمنسوخ مشروطاً» هذا كما ذكره في الجواهر من توقف الاشتراط على وجوده، وفيه ما عرفت.
(قوله): «لأن زوال الشيء» وهو اشتراط عدم المعارض «يقتضي سابقيته» أي: الشيء، وهو شرط العمل، والفرض أنه ليس بسابق؛ لعدم وجود المعارض حال العمل بالظني، واشتراط عدمه موقوف على وجوده.
(قوله): «يجب تراخيه عن أصله» أي: أصل القياس المنسوخ كتحريم الخمر مثلا.
(قوله): «يستلزم تراخيه عن حكمه» أي: حكم القياس كتحريم النبيذ مثلا.
(قوله): «للاتفاق على أنه» أي: القياس «مظهر للحكم» أي: حكم القياس؛ وهو تحريم النبيذ.
(قوله): «لا مثبت له» أي: لحكم القياس؛ لأنه ثابت حال ثبوت حكم الأصل وعلته، والمجتهد إنما أظهره باجتهاده.
(قوله): «فيكونان» أي: خبر الواحد والقياس «سواء» في تراخي ناسخهما لما عرفت.
(قوله): «احتج الآخرون، وهم القائلون بالجواز مطلقا» الأولى أن يقال: وهم القائلون بالجواز إما على الإطلاق أو التفصيل ليستقيم قوله: كغيره ثانيهم ثالثهم ... إلخ؛ لأن قوله: كغيره حجة لجميع المجوزين، وأما المفصلون فهم مختصون بأدلة المنع التي أشار إليها بقوله: ثانيهم والقطعيان ... إلخ، وكذا قوله: ثالثهم وارتفع النسخ، أي: ثالثهم كغيره وارتفع النسخ، وقس باقيها، وأما على ما ذكره المؤلف # في الشرح من تقييد الجواز بقوله: مطلقا فليس المانع عن نسخ القطعي ثاني المجوزين مطلقا والمفصلين، وقد يوجه الكلام بأن المانع ثان باعتبار مجموع قيد الإطلاق والتفصيل، فيكون قوله: كغيره أول المجموع من حيث هو مجموع، وهذا المانع ثاني المجموع من حيث هو مجموع، وقس باقيها.
(١) ولا سابقية مع التراخي.
(٢) في تراخي ناسخهما؛ لأنك قد عرفت أنه يجب تراخي الناسخ عن أصل القياس، وتراخيه عن أصله يستلزم تراخيه عن حكم القياس.