هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب السادس من المقصد الرابع في) مباحث (الناسخ والمنسوخ)

صفحة 209 - الجزء 3

  الشارع بعد إمكان العمل بالفرع المنسوخ تعدد الوقت فانتفى التناقض⁣(⁣١).

  احتج (ثالثهم) أي: ثالث الآخرين - وهو القائل بجوازه⁣(⁣٢) في عصره عليه الصلاة والسلام بنص أو قياس أقوى، والمنع من بعده - لمقام المنع بقوله: (ارتفع⁣(⁣٣) النسخ بارتفاع الوحي) فلا يصح نسخه بكتاب أو سنة متجددين ولا بغيرهما كما سبق.

  (قلنا:) ارتفاع النسخ بارتفاع الوحي مسلم ولكنه (غير مفيد)⁣(⁣٤) للاتفاق على أن القياس مظهر للحكم لا مثبت له، فالقائلون بالجواز على الإطلاق بأن الحكم المستفاد من القياس الواقع بعده ÷ إنما ثبت به واستقر إلى ظهور الناسخ له حتى يلزم وقوع النسخ بعد ارتفاع التنزيل، وإنما يحكمون بأن ثبوته مقارن لثبوت حكم أصله، فتحريم بيع الأرز متفاضلاً مقارن لتحريم بيع البر متفاضلاً، سواء وقع في ذلك الوقت تركيب قياس أو لا، وإذا ورد بعد ذلك ما يدل على جواز التفاضل في الأرز كان نسخاً لقياسه على البر، فإذا قاسه قائس في سائر الأعصار على البر لعدم اطلاعه على الناسخ فعمل بالتحريم ثم اطلع من بعد على الناسخ ظهرت له منسوخية القياس بعد خفائها ولم يكن من النسخ بعده ÷ في شيء، هذا مع عرفان تأخر الناسخ عن أصل المنسوخ، وإلا فإن كان


(قوله): «لمقام المنع، متعلق باحتج ثالثهم.

(قوله): «وإلا» أي: وإن لم يعلم التأخر.


(١) أي: التعارض.

(٢) وهو الإمام يحيى ومن معه.

(٣) «وارتفع» نسخة، عطف قوله: وارتفع على: مقدار، أي قالوا: كغيره وارتفع النسخ، فاعرف ذلك وقس عليه سائر ما يأتي.

(٤) في شرح الغاية لجحاف: قلنا: أما الشق الأول فمسلم، لكنه غير مفيد للمطلوب من أن النسخ لا يكون إلا قبل وفاته #، بيانه أن الناسخ لا يثبت حكمه قبل بلوغه إلى المكلفين، ولا يلزم من كون الناسخ لا يكون إلا بالوحي بلوغه إلى المكلفين قبل وفاته #، لم لا يجوز أن لا يبلغ إلى البعض منهم إلا بعد وفاته #، فلا يثبت حكمه عليهم إلا في ذلك الوقت، فيثبت النسخ به بعد وفاته #؟ ولا نعني بالنسخ إلا هذا.