[مسألة: هل الزيادة نسخ للمزيد عليه]
= رافعة لمفهوم المخالفة في غير الأولى، كأن يقول: في الغنم السائمة زكاة فيفهم أنه ليس في المعلوفة زكاة، ثم يزيد بعد ذلك فيقول: وفي المعلوفة زكاة، في ذلك مذاهب خمسة: فعند الحنفية أن هذه الزيادة نسخ في الأولين حيث كانت شطراً أو شرطاً، فإن كانت رافعة لمفهوم مخالفة فليست بنسخ، والمنقول عنهم أنها نسخ مطلقا، وهو عبارة السبكي في الجمع وشرحه ومختصر المنتهى وشرحه، ولا يخفى أن هذا إنما يصح لو كان فيهم من يقول بالمفهوم حتى تكون الزيادة رافعة له فيكون نسخاً؛ ولذلك عدل المؤلف | عن هذا الإطلاق وبين أن خلافهم إنما هو في الأولين. وعن بعض الشافعية عكسه، فليست نسخاً في الأولين وهي في الثالث حيث رفعت مفهوم المخالفة نسخ، قال في شرح الجمع: واختاره الإمام في المعالم، وعن جمهور الشافعية والحنابلة أن هذه الزيادة ليست نسخاً مطلقاً. وعن الإمام أبي طالب # والقاضي جعفر والغزالي والقاضي عبدالجبار أن الزيادة نسخ إن غيرت الأصل الذي زيدت عليه حتى صار فعله من دونها كلا فعل، كزيادة ركعة في ركعتي الفجر فإن هذه الزيادة صيرت فعلهما من دونها كعدمه، قال القاضي عبدالجبار: أو تكون الزيادة أن يخير في فعل ثالث بعد التخيير في اثنين فإن هذه الزيادة تكون نسخاً؛ لأن تركهما معاً كان قبل الزيادة محرماً شرعاً، والتخيير في ثالث رافع له فصار ناسخاً له. لا إذا لم تغير الأصل بمعنى أن فعله من دونها لم يصر كعدمه، كزيادة عشرين في حد القذف والتغريب في حد الزاني البكر، فإن هذه الزيادة لما لم تغير الأصل - أي: لم تصير وجوده كعدمه - لم تكن نسخاً عنده؛ لأن الثمانين إذا فعلت من دون الزيادة كان لها أثر، وهو سقوطها بفعلها، فلا يجب إلا العشرون المزيدة فقط، وكذلك التغريب. وعن الشيخ أبي الحسن الكرخي وأبي عبدالله البصري أن الزيادة إن غيرت حكم المزيد في المستقبل بأن تكون منافية له بأي وجه كان نسخاً، كزيادة عشرين والتغريب على حد القاذف والزاني البكر؛ لأنها نافت كماله وعدم رد شهادة المقذوف بدونها، وهما حكمان شرعيان، فرفعهما نسخ، وكذلك زيادة ركعة بالأولى، والحكم بشاهد ويمين على الحكم بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين، وكان حكم المزيد عليه عدم جواز الحكم بسوى رجلين أو رجل وامرأتين، وهو حكم شرعي رفعته الزيادة وكانت نسخاً، وكزيادة المضمضة والاستنشاق على أعضاء الوضوء المنافية لعدم كمال الوضوء بدونها، وهو حكم شرعي، ونحو ذلك، وكانت في جميع هذه الصور نسخاً، وهو مبني على أن الإجزاء حكم شرعي، بخلاف ما إذا لم تكن منافية له كالأمر بستر الركبة بعد الأمر بستر الفخذ المستفاد منه ستر الركبة؛ إذ لا يتم إلا به فإنها ليست بنسخ؛ إذ لم تكن رافعة لشيء يتعلق بالأول ولا منافية له، وكالأمر بقطع رجل السارق بعد ذهاب يده؛ لأنها لم تناف شيئاً مما تعلق بقطع يده من إجزاء أو غيره فكانت كزيادة إيجاب الزكاة بعد إيجاب الصلاة، هذه حقيقة مذهبهما، والله أعلم. (من شرح الغاية لابن جحاف |).