هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب السادس من المقصد الرابع في) مباحث (الناسخ والمنسوخ)

صفحة 227 - الجزء 3

  المستقبل، هذا معظم الخلاف في هذه المسألة.

  (والضابط)⁣(⁣١) المراعى عند الجميع (أن الناسخ رافع الحكم الشرعي،


(١) في شرح الغاية لابن جحاف: والضابط الجامع للمذاهب أن الناسخ هو رافع الحكم الشرعي، وهو حقيقة الناسخ عند الجميع، وهذا مما لا يختلفون فيه، إنما الخلاف في الصور الجزئيات مثل زيادة عشرين على حد القذف، إن قلنا: إن إجزاء الثمانين كان حكماً شرعياً كانت الزيادة نسخاً، وإن قلنا: إن معنى الإجزاء مطابقة الأمر فهو عقلي، ورفعه ليس بنسخ. ونحو زيادة اشتراط الطهارة في الطواف، ونحو ذلك من الصور الجزئية، ومختار أئمتنا $ أن زيادة عضو كالمضمضة والاستنشاق على أعضاء الوضوء وزيادة عشرين في حد القاذف والتغريب في حد الزاني ليست بنسخ؛ لأنها لم ترفع إلا كمال المزيد عليه وكونه كان مطابقاً للأمر بدونها، وهو عقلي، وانتفاء الزيادة على الحد بحكم الأصل، فلا شيء من ذلك بحكم شرعي وفاقاً لأبي الحسين ولابن الحاجب إلا في التغريب لرفعه تحريمه الثابت بالشرع، ولا نسلم ثبوته به، يعني بالشرع، بل بحكم الأصل كزيادة العشرين. وأما زيادة التقييد بالصفة المتراخية على المطلق فنسخ للتخيير الثابت بالشرع، مثاله لو قال: أعتق رقبة في الظهار، ثم قال: أعتق رقبة مؤمنة في الظهار، فإن هذا التقييد بالإيمان نسخ للتخيير المستفاد من المطلق؛ لأن المكلف كان مخيراً بين عتق رقبة مؤمنة أو كافرة؛ لنقله التخيير إلى تعيين المؤمنة ورفع التخيير الثابت بالشرع فكان نسخاً. وأما إذا اختلف السبب فالمختار أنه ليس بنسخ، كتقييد العتق في الظهار بالإيمان لتقييده به في القتل؛ إذ لا يثبت تقييده به إلا قياساً، والمختار أن القياس لا ينسخ به كما تقدم، والقائل بالنسخ إما لأن التقييد بالنص أو لصحة النسخ بالقياس عنده. وزيادة الحكم بشاهد ويمين نسخ لوجوب الاقتصار على الحكم بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين المفهوم من قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ}⁣[البقرة: ٢٨٢]؛ إذ المفهوم صحة البينة في النوعين لا حصر طلب الإشهاد؛ لأن المقام مقام التعليم، وهو ظاهر في أن المراد حصر ما يصح، فتكون الزيادة رافعة لما دلت عليه الآية فيكون ناسخاً. والتخيير في ثالث بعد اثنين وكزيادة رابعة على خصال الكفارة نسخ لقبح الإخلال بالثلاث، إن قلنا: إنه متفرع على وجوب الثلاث، وإن قلنا: إنه متفرع على عدم وجوب المزيد فليس بنسخ؛ لتفرعه على أمر عقلي، والحق أنه متفرع عليهما معاً؛ إذ لا يكفي أحدهما في الدلالة على قبح الإخلال، فيكون شرعياً؛ لأن المتفرع على عقلي وشرعي شرعي؛ إذ لا هداية إليه إلا بالشرع فيكون رفعه نسخاً. والنقل من تخيير إلى تعيين وعكسه نسخ للتخيير والتعيين الثابتين بالشرع، وأما مفهوم المخالفة نحو أن يقول: في الغنم السائمة زكاة، ثم يقول: وفي المعلوفة، فإن ثبت أن المفهوم مراد كانت الزيادة نسخاً، وإلا فهي لدفع توهم إرادته فلا نسخ، هذا حكم الزيادة، وأما حكم النقصان مما قد شرع =