[المقصد الخامس من مقاصد هذا الكتاب: في القياس وما يتصل به]
[المقصد الخامس من مقاصد هذا الكتاب: في القياس وما يتصل به]
  (في القياس(١) وما يتصل به) من الاستصحاب وشرع من قبلنا والاستحسان، وجعلت هذه متصلة بالقياس لكونها شرعية في الغالب، والقياس آخر الأدلة الشرعية المتفق عليها والمبني عليها أكثر الأحكام، ولم تجعل مقاصد مستقلة لما فيها من الاختلاف وقلة ما يبنى عليها من الأحكام.
  والقياس في اللغة مصدر قايس، تقول: قايسته بالشيء مقايسة وقياساً، إذا قدرته وحذوته به وسويته عليه، وهو يتعدى بالباء(٢) كما مثلناه، بخلاف
(قوله): «لكونها شرعية في الغالب» يعني أنها جعلت متصلة بالقياس للمناسبة لكونها شرعية في الغالب، والقياس آخر الأدلة المتفق عليها، فناسب أن تليه، وهذا إشارة إلى أن ما في الفصول والمنهاج والجوهرة من جعل بعض الثلاثة داخلة في باب القياس وبعضها بعد باب الحظر والإباحة خال عن المناسبة، ولم يجعل هذه الثلاثة مقاصد مستقلة كالأدلة الأربعة للخلاف في هذه الثلاثة. وقوله: في الغالب إشارة إلى أنها قد تكون غير شرعية[١] كاستصحاب سلامة زيد، وكشرع من قبلنا إذا لم يقرره شرعنا في الغالب[٢].
(قوله): «المتفق عليها» بناء على عدم الاعتداد بالمخالف.
(قوله): «ولم تجعل» أي: الاستصحاب وما ذكر معه.
(قوله): «مصدر قايس» في شرح المختصر وصحاح الجوهري ما يقضي بأنه مصدر قاس، وكأن المؤلف # بنى على أن فاعل هنا بمعنى فعل نحو سافرت فلا فرق حينئذ.
(قوله): «إذا قدرته وحذوته به وسويته عليه» كلام شرح المختصر مشعر بأن القياس لغة قد يكون للتقدير والمساواة كما في قست النعل بالنعل، وللتقدير فقط كما في قست الثوب بالذراع، أو للمساواة فقط كما في فلان لا يقاس بفلان، أي: لا يساوى به. وأما الآمدي وصاحب الجوهرة فذكرا أن القياس في اللغة التقدير، والمؤلف # ذكر أنه التقدير وعطف عليه قوله: وحذوته به وسويته عليه، وكأنه للتفسير ويكون حذوته من قولهم: حذوته حذو النعل بالنعل فينظر، والأولى أن يقال: أي قدرته بأن حذوته به أو سويته عليه؛ وذلك لأن التقدير نسبة بين شيئين يضاف أحدهما إلى الآخر بسبب من الأسباب، ذكر معناه في الحواشي.
(١) هذا باب جليل في الدين أفرد له الإمام يحيى كتاباً سماه القسطاس، والجويني كتاباً سماه البرهان، والغزالي كتاباً سماه شفاء العليل، ومن لم يفرد له كتابا من أهل الأصول فقد بالغ في الكلام عليه، ذكر معناه الدواري.
(٢) قال صاحب الأساس: قاس به وعليه وإليه، قال العلامة: إنما عدي بعلى لتدل على البناء، فإذا قلت: قست كذا على كذا فمعناه بنيته عليه. (من شرح الورقات لإمام الكاملية).
[١] وفي حاشية: قيل: لعله احترز بهذا عن استصحاب البراءة الأصلية فإنه استصحاب لحكم عقلي كما يأتي، كالحكم بانتفاء صلاة سادسة وصوم غير رمضان استصحاباً للبراءة الأصلية؛ إذ العقل يقضي بعدم وجوبها، وفي هذا تأمل؛ إذ الاستصحاب نفسه مدرك شرعي وإن كان المستصحب حكما عقلياً فتأمل. (منه | ح).
[٢] صوابه إذا نسخه شرعنا. (ح).