هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب السادس من المقصد الرابع في) مباحث (الناسخ والمنسوخ)

صفحة 238 - الجزء 3

  ورجح على التعبير بالفرع والأصل لما في التعبير⁣(⁣١) بهما من إيهام الدور⁣(⁣٢) وإن كان قد دفعه بعضهم بأن المراد بهما ذات الفرع والأصل، أعني محل الحكم المطلوب ومحل الحكم المعلوم، والموقوف على القياس إنما هو وصفا الفرعية والأصلية.

  وقوله: في حكمه إشارة إلى الركن الثالث أعني حكم الأصل. والمراد من إلحاق الفرع بالأصل في حكم الأصل أن يثبت له مثل حكمه⁣(⁣٣) لا عين حكمه؛


(قوله): «قد دفعه بعضهم» ذكره العلامة السعد في الحواشي.

(قوله): «أن يثبت له» هو من الإثبات ليكون صفة للقائس فيوافق ما سبق من أن القياس هو الإلحاق؛ إذ لو كان من الثبوت لكان صفة للفرع فلا يوافق معنى الإلحاق.


(١) في التحرير وشرحه ما لفظه: (وأورد عليه) أي: على هذا التعريف (الدور) أي: استلزامه الدور (فإن تعقل الأصل والفرع فرع تعقله) أي: القياس، فيكون تعقلهما موقوفاً على تعلقه؛ وذلك لأن الأصل هو المقيس عليه، والفرع هو المقيس، وإذا كان جزئين من تعريفه لزم أن يتوقف تعقله على تعلقهما فيلزم الدور، (وأجيب بأن المراد) بالأصل والفرع (ما صدق عليه) مفهومهما الكلي من أفراده (وهو) أي: ما صدق مفهومهما عليه (محل) منصوص على حكمه ومحل غير منصوص على حكمه، وإنما فسر ما صدق عليه بقوله: محل لئلا يرد أن تفسير الأصل بما صدق عليه الأصل والفرع بما صدق عليه الفرع لا يدفع الدور؛ لأن تعقل فرد الشيء من حيث هو فرده مستلزم لتعقله، وأما تعقله لا من حيث إنه فرده بل بعنوان آخر كالمحلية مثلا لا يستلزمه.

(٢) ولك أن تقول: قوله: في علة حكم كان ينبغي تجنبه كما يتجنب لفظ الأصل والفرع؛ لأن العلة من أركان القياس، فلا يمكن تعريفها إلا به، فأخذها في تعريف القياس يستلزم الدور؛ ولهذا قال بعضهم: لاستوائهما في مشعور به. (شرح زركشي على الجمع).

(٣) هكذا يحترزون بلفظ مثل عما زعم الشارح، والظاهر أنه لا حاجة له ولا وجه له؛ لأن القدر المشترك كلي، فهو مع المحلين في نفس الأمر على السواء، كما أن الإنسان المشترك بين زيد وعمرو شيء واحد وإنما تغايرا بالمشخصات، وكذلك تعدد تحريم الربا في البر وفي الذرة باعتبار المحلين، وإلا فهو في ذاته واحد، ألا ترى أن السكر في الخمر والنبيذ واحد، والتحريم كذلك لا تعدد في مفهومهما، وإنما عرف الدليل صدق الكلي على هذا الجزئي فيهما، نعم، لو كان القياس بين هذا الخمر في هذا القدح وبين هذا النبيذ في هذا القدح لاحتيج إلى لفظ مثل؛ لأنه لا مشترك حينئذ فليتأمل. (نجاح الطالب باختصار يسير).