[مسألة: في التعبد بالقياس]
  (ورد بمنع الملازمة؛ لجواز الاستغناء) في بعض الوقائع (بالعقل) فإنه حاكم(١) كالشرع كما تقدم، والقبيح إنما هو خلو الواقعة عن مطلق الحكم لا خلوها عن الشرعي، واللازم من نفي القياس إنما هو الخلو عن الشرعي لا عن مطلق الحكم.
  وحاصل الدليل العقلي الذي أورده أبو الحسين وغيره: أن المجتهد إذا ظن كون الحكم في الأصل معللاً بعلة معينة ثم وجدها في الفرع حصل له بالضرورة ظن ثبوت مثل ذلك الحكم في الفرع، وحصول الظن بالشيء مستلزم لحصول الوهم بنقيضه، وبديهة العقل تقضي باستحالة الخروج عن النقيضين أو الجمع بينهما، فوجب العمل بأحدهما، والموهوم مشتمل على ظن المضرة دون المظنون؛ لأن ظن الحكم فيما وجدت فيه العلة مع العلم اليقيني بأن مخالفة حكم الله تعالى سبب للعقاب يقتضي ظن كون تركه سبباً في العقاب، فتعين العمل بالظن، ولا معنى لوجوب العمل بالقياس
(قوله): «مستلزم لحصول الوهم بنقيضه» أي: بنقيض الحكم في الفرع كتحليل النبيذ مثلاً، وإنما كان موهوماً لأن الراجح التحريم لكونه مظنوناً، وإنما زاد هذا الاستلزام ليتعين العمل بالراجح؛ لأنه لما استحال الخروج عن النقيضين تعين العمل بأحدهما، والموهوم مشتمل على ظن المضرة، فتعين المظنون؛ لسلامته عنها.
(قوله): «لأن ظن الحكم» خبره قوله: يقتضي ظن كون تركه سبباً في العقاب. وقوله: «بأن مخالفة حكم الله» خبره قوله: سبب في العقاب.
(قوله): «ظن كون تركه» أي: ترك الحكم «سبباً في العقاب» لأن الترك هو الجانب الموهوم المشتمل على ظن المضرة.
(قوله): «ولا معنى لوجوب العمل بالقياس إلا ذلك» أي: كون ترك ما وجدت فيه العلة[١] سبباً في العقاب، وقد قرر الأسنوي هذا الاستدلال بتقرير أقرب فقال: العمل بالوهم دون الظن عمل بالمرجوح مع وجود الراجح، وهو ممتنع عقلا وشرعاً، فتعين العمل بالظن، ولا معنى لوجوب العمل بالقياس إلا ذلك.
(١) والجواب عند من لم يجعل العقل حاكما كالشرع بعد تسليم وجوب أن يكون لكل واقعة حكم هو أن الذي لا يتناهى الجزئيات لا الأجناس، ويجوز التنصيص على الأجناس كلها بعمومات تتناول جزئياتها حتى تفي بالأحكام كلها، مثل كل مسكر حرام، وكل مطعوم ربوي، وكل ذي ناب حرام، إلى غير ذلك، ومعنى هذا في حواشي العضد.
[١] إلا ظهر عود الإشارة إلى الأقرب، أعني تعين العمل بالظن. (حسن بن يحيى عن خط العلامة أحمد بن محمد السياغي |).