هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في التعبد بالقياس]

صفحة 264 - الجزء 3

  وامرأتين ورجل يمين في الأموال والحقوق، وامرأة واحدة فيما يختص بالنساء⁣(⁣١)، وغير ذلك، وما ذكرتموه إنما منع فيه من اتباع الظن (لمانع خاص) وهو أن للظنون مراتب خفية غير منضبطة بنفسها فنيطت بمظان ظاهرة منضبطة، فكان ما ذكرتموه نقضاً للحكمة المسمى كسراً، ويجيء أنه لا يضر، وما (قيل) من أن الشرع ورد فيه (تفريق المتماثلات وجمع المختلفات) وثبوت ذلك في الشرع يحيله، أي: القياس، وهذا مما اختص بتحريره النظام.

  أما الأولى فمن تفريق المتماثلات إيجاب الغسل وغيره بخروج المني دون البول، وقطع سارق القليل دون غاصب الكثير، والجلد بنسبة الزنا إلى المسلم العفيف دون نسبة القتل والكفر إليه، وثبوت القتل بشاهدين دون الزنا، والتفاوت بين عدتي الطلاق والوفاة.

  ومن جمع المختلفات التسوية بين العمد والخطأ⁣(⁣٢) في قتل الصيد في الفداء⁣(⁣٣)،


(قوله): «أن للظنون مراتب خفية» وتحقيقه أن مراتب الظنون وحصولها بأسبابها بحسب الوقائع وما يمكن تحصيله من مراتبه في القضايا وما لا يمكن واعتباره بحسب إمكان الأقوى⁣[⁣١] وعدمه أو غير ذلك مما يختلف اختلافاً عظيماً، وكانت خفية ... إلخ.

(قوله): «وهذا مما اختص بتحريره النظام» اعتمد المؤلف # ما في شرح المختصر، وفي المنهاج للإمام المهدي #: قال الحاكم: وروى أهل الحديث⁣[⁣٢] أن جعفر بن محمد الصادق # احتج بها على أبي حنيفة في إبطال القياس فقطعه⁣[⁣٣]، قال: وأخذها النظام عنه.


(١) كالقابلة.

(٢) هكذا في العضد، وهو مبني على مذهب الفقهاء⁣[⁣٤] من وجوب الجزاء على الخاطئ كالعامد، ومذهب العترة عدم الوجوب على الخاطئ لمفهوم الآية، والأصل البراءة ذكره في البحر.

(٣) في الإحرام. (عضد).


[١] مثل خبر الواحد بموت زيد وعندك قرائن تدل على الموت قبل حصول الخبر فإنه يحصل لك العلم بموته أو الظن المقارب له، والعكس مع عدم القرائن، ومن ثمة قالوا: الظن المقارب للعلم والظن الغالب ونحوهما.

[٢] الذي ذكر في آخر قصة جعفر # وأبي حنيفة أنه لما احتج عليه جعفر بهذه الأشياء قال له أبو حنيفة: أليست هذه من القياس؟ قال: لا، حدثني بها أبي عن أبيه عن جده عن النبي ÷، وإنكار جعفر على أبي حنيفة لما أكثر في القياس وآثره على غير لا لأنه منكر للقياس، وسيأتي له شيء من ذلك في أثناء الكتاب.

[٣] أي: لم يجد منه جواباً. (منه ح).

[٤] قالوا: ولا يؤخذ بالمفهوم، قلنا: حيث يخالف الأصل. (بحر).