هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في أقسام القياس بحسب اعتباراته]

صفحة 273 - الجزء 3

  والخفي: ما لم يقطع⁣(⁣١) بنفي الفارق فيه.

  ومن الناس من زاد واسطة بين الجلي والخفي وسماه واضحاً، وفسر الجلي بما ذكرناه، والخفي بقياس الشبه، والواضح بينهما.

  ومنهم من جعل الجلي ما كان ثبوت الحكم في الفرع فيه أولى من الأصل، والواضح ما كان فيه مساوياً لثبوته في الأصل، ومثلوه بالنبيذ مع الخمر، والخفي ما كان دونه. وقيل غير ذلك، وكلها أمور اصطلاحية.

  ولا يخفى عليك ظهور الفرق بين القطعي بالمعنى الأول والجلي، وبين الظني بذلك المعنى والخفي، فإن القطعي أخص مطلقاً من الجلي، والظني أعم مطلقاً من الخفي، وأما بالمعنى الثاني⁣(⁣٢) فالظاهر عدم الفرق.


(قوله): «ما لم يقطع بنفي الفارق فيه» كقياس النبذ على الخمر في الحرمة؛ إذ لا يمتنع أن تكون خصوصية الخمر معتبرة؛ ولذلك اختلف فيه، ذكره في شرح المختصر.

(قوله): «والخفي بقياس الشبه» وهو ما كان الجامع فيه وصفاً يوهم المناسبة وليس بمناسب، كتعليل تعين الماء في إزالة الخبث بأنها طهارة، وسيأتي بيان ذلك، والخفي ما كان دونه، وينقل مثاله من شرح جمع الجوامع إن شاء الله تعالى.

(قوله): «فإن القطعي أخص مطلقا من الجلي» لاشتراط العلوم الثلاثة في القطعي، دون الجلي فإنه يوجد مع الظن بحكم الأصل.

(قوله): «والظني أعم مطلقا من الخفي» وذلك لشموله للجلي والخفي كما لا يخفى.

(قوله): «وأما بالمعنى الثاني» وهو الاكتفاء في القطعي بعلمين، وهما العلم بعلة حكم الأصل وبوجودها في الفرع.

(قوله): «فالظاهر عدم الفرق» بين القطعي والجلي وبين الظني والخفي، وكأن ذلك بناء على أن القطع بنفي الفارق مستلزم للقطع بالعلة في الأصل وبوجودها في الفرع، فيحقق، والله أعلم.


(١) أي: ما كان احتمال الفارق فيه قوياً، كقياس القتل بمثقل على القتل بمحدد في وجوب القصاص، وقد قال أبو حنيفة بعدم وجوبه في المثقل. (سبكي).

(٢) أي: للقطعي؛ لأن القطعي به هو ما علم علة الحكم في الأصل وحصول مثلها في الفرع، ولا يحصل القطع بعدم الفارق إلا بذلك. والظني بهذا المعنى هو ما لم يعلم علة الحكم في الأصل ولم يعلم حصول مثلها في الفرع، وحينئذ لا يقطع بنفي الفارق، وهو معنى الخفي.