[مسألة: في أقسام القياس بحسب اعتباراته]
  (و) باعتبار جامعه (إلى قياس علة ودلالة(١) وفي معنى الأصل) يعني أنه ينقسم باعتبار المعنى الجامع فيه إلى هذه الثلاثة الأقسام؛ لأنه إما أن يكون بذكر الجامع أو بإلغاء الفارق، فإن كان بذكر الجامع فإن كان المذكور هو العلة فهو قياس العلة، وإلا فهو قياس الدلالة، فقياس العلة هو المصرح بعلته(٢)، وسواء ثبتت(٣) بنص أو بغيره، وأمثلته كثيرة، وقياس(٤) الدلالة هو ما لا تذكر فيه
(قوله): «وباعتبار جامعه إلى قياس علة» لم يذكر قسمته إلى قياس طرد وقياس عكس بناء على ما سبق له # من أن العكس ملازمة ... إلخ وليس بقياس، إنما القياس لبيان الملازمة، وترك ذكر الطرد لأنه مقابله.
(قوله): «إما أن يكون» أي: الإلحاق.
(١) قال في الجمع: وقياس الدلالة ما جمع فيه بلازمها فأثرها فحكمها. قال السبكي: الضمائر للعلة، وكل من الثلاثة يدل عليها، وكل من الأخيرين منها دون ما قبله كما دلت عليه الفاء، مثال الأول أن يقال: النبيذ حرام كالخمر بجامع الرائحة المشتدة، وهي لازمة للإسكار، ومثال الثاني أن يقال: القتل بمثقل يوجب القصاص كالقتل بمحدد بجامع الإثم، وهو أثر العلة التي هي القتل العمد العدوان، ومثال الثالث أن يقال: تقطع الجماعة بالواحد كما يقتلون به بجامع وجوب الدية عليهم في ذلك حيث كان غير عمد، وهو حكم للعلة التي هي القطع منهم في الصورة الأولى والقتل منهم في الثانية، وحاصل ذلك استدلال بأحد موجبي الجناية من القصاص والدية الفارق بينهما العمد. (سبكي).
(٢) مثل قولنا في المثقل: قتل عمد عدوان فيجب القصاص كالجارح. (سبكي).
(٣) خالف بهذا التعميم عبارة المهدي وغيره، فإنهم عرفوا قياس العلة بما صرح فيه الشارع بالعلة، وأتى بما هو المشهور، وهو أن قياس العلة ما جمع فيه بين الأصل والفرع بذكر العلة، وسواء كان بنص الشارع أو الإجماع أو الاستنباط أو أي المسالك المعتبرة.
(٤) في شرح ابن جحاف: وباعتبار العلة إلى قياس علة وهو ما يصرح بالعلة فيه، كما يقال: النبيذ مسكر فيحرم كالخمر، وإلى قياس دلالة وهو ما لا يذكر فيه العلة لكن يدل عليها بذكر ملازم لها، فيكون ذكره مغنياً عن ذكرها ودالا على وجودها في الفرع، فيثبت الحكم فيه بها، وسواء كان ذلك الملازم وصفاً للعلة أو حكماً من أحكامها، مثال الأول: النبيذ مشتد الرائحة فيحرم كالخمر، فإن شدة الرائحة ليس علة في تحريم الخمر، لكنه وصف ملازم للإسكار، فيدل عليه بالملازمة وعلى وجوده في الفرع فيثبت التحريم فيه، ومثال الثاني: تقطع الجماعة بالواحد كقتلهم به؛ لوجوب الدية عليهم في الصورتين، فإن وجوب الدية عليهم في الصورتين ليس هو العلة الموجبة للقطع، ولكنه أحد الحكمين المتلازمين اللذين توجبهما في الأصل علة واحدة، فيدل وجوده في الفرع على وجود الآخر فيه للتلازم، وينتقل الذهن إلى وجود العلة في الفرع لوجود أثرها فيه، وهو وجوب الدية، ويكون بمنزلة التصريح بها؛ لأن القصاص والدية حكمان متلازمان توجبهما في الأصل علة واحدة وهي الجناية لحكمة الزجر، وحاصله الاستدلال بوجود أحد موجبي العلة في الفرع على وجود الآخر فيه، وبوجوده على وجود العلة لتلازمهما في الأصل. اهـ منه.