هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في أن القياس يجري في الحدود والكفارات]

صفحة 279 - الجزء 3

  إذا عرفت ذلك فالراجح ما ذهب إليه الأكثرون (لعموم الدليل) الدال على حجية القياس، فإنه لم يكن مختصاً بغير الحدود والكفارات، بل هو متناول لهما بعمومه كغيرهما فوجب العمل به فيهما (و) لأجل (فعل علي) # (والصحابة) ¤ حين تشاوروا⁣(⁣١) في حد الشارب⁣(⁣٢)، أخرج ابن جرير عن يعقوب بن عقبة قال: بعث أبو عبيدة⁣(⁣٣) بن الجراح وبرة بن رومان الكلبي إلى عمر بن الخطاب: أن الناس قد تتايعوا⁣(⁣٤) في شرب الخمر في الشام، وقد ضربت


(قوله): «حين تشاوروا في حد الشارب ... إلخ» هذا فيه منافاة لما سبق من دعوى الاتفاق على أن المقادير لا يجري فيها القياس، فلعله يحمل على أن تشاورهم⁣[⁣١] في بيان ما يجب أن يستقر عليه رأيهم في الحد في اختيار أي الأمرين، وقد عرفت ما في الفصول وشرح الجمع.

(قوله): «عن يعقوب بن عقبة» قد تقدم أنه عتبة، وأنه ليس في رواة هذا الحديث من يسمى يعقوب بن عقبة.


(١) لعل المراد تشاوروا في بيان ما يجب أن يستقر عليه رأيهم في اختيار أحد الأمرين؛ إذ لو كان قد استقر الأمر على أربعين وتشاورهم في الزيادة ناقض ما تقدم للمؤلف # أن المقادير لا يجري فيها القياس عند الجميع، فاعرف هذا، قال في المنقول: وقد وجد إشارة إلى هذا من حاشية ذكر أنها منقولة من خط الإمام شرف الدين، والله أعلم.

(٢) يقال: هذا قياس في مقادير الحدود، وقد تقدم منعه عند الجميع فينظر فيه. اهـ لا نسلم أن ذلك من القياس في المقادير، وإنما هو في إلحاق الشارب بالقاذف، وقد علم حده.

(٣) يظهر من هذا أن حد الشارب على الجملة كان ثابتاً وأن القياس إنما هو لبيان قدرة كما يظهر من سوق الحديث فتأمله. وفي شرح ابن جحاف: فقام دليلا في إثبات الحد والتقدير، وقوله # حجة، وأيضاً وافقه الصحابة على ذلك فكان إجماعاً. فهذا يخالف ما ذكره الشارح أولا.

(٤) التتايع بالمثناة في الشر، والتتابع في الخير.


[١] ينظر في الحمل على أن تشاورهم في بيان ما يستقر عليه رأيهم من اختيار أحد الأمرين؛ فإن ذلك عمل بالقياس في مبدأ الحد، فالأولى حمل ما ذكره هنا من أن المقادير لا يجري فيها القياس عند الجميع أن المراد معظم المقادير، وهي التي لا يعقل معناها، فأما ما عقل معنها منها فإنه يثبت فيه القياس، ولعل في قوله الذي سيأتي قريباً: إن في شرع الحدود والكفارات تقديراً لا يعقل معناه ... إلخ، وكذا في شرح قوله بعد ذلك: إذ فيها ما لا يعقل معناه ومعظم التقديرات التنبيه على أن المراد هنا بالمقادير التي لا يجري فيها القياس عند الجميع ما لا يعقل معناه منها، وعلى هذا يزول التنافي، والله سبحانه أعلم. (ح ن).