هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[أركان القياس]

صفحة 297 - الجزء 3

  كالنص والإجماع الدال على تحريم الخمر؛ لأنه الذي يبتني عليه التحريم، وذهب طائفة إلى أنه حكم المحل، وهو التحريم؛ لأن الأصل ما ابتني عليه غيره وكان العلم به موصلاً إلى العلم أو الظن بغيره، وهذه الخاصية موجودة في الحكم لا في المحل؛ لأنه لا يتفرع حكم النبيذ على الخمر ما لم يثبت الحكم فيها، ولا في النص والإجماع؛ إذ لو تصور العلم بالحكم في الخمر من دونهما⁣(⁣١) أمكن الإلحاق، ولأن النص لو كان هو الأصل لكونه طريقاً إلى معرفة الحكم لكان قول الراوي هو الأصل بالطريق الأولى؛ لأنه أصل النص، وهو باطل اتفاقاً، فتحقق أن الحكم هو الأصل.

  ووجه ما ذهب إليه الجمهور أن الأصل ما كان حكم الفرع مقتبساً⁣(⁣٢) منه ومردوداً إليه، وهو إنما يتحقق في نفس الخمر.

  واعلم أن النزاع لفظي؛ لإمكان إطلاق الأصل على كل منها؛ لبناء حكم الفرع على الحكم وعلى محله لأنه أصله، وأصل الأصل⁣(⁣٣) أصل، وكذا على


(قوله): «وكان العلم به موصلاً» عطف على قوله: ابتنى عليه غيره، أي: الأصل ما جمع بينهما.

(قوله): «وهذه الخاصية» وهي ما ابتنى عليه غيره ... إلخ.

(قوله): «ما لم يثبت الحكم فيها» أي: في الخمر.

(قوله): «ولا في النص» عطف على لا في المحل.

(قوله): «إذ لو تصور العلم بالحكم في الخمر من دونهما أمكن الإلحاق» يعني أن الإلحاق لا يتوقف عليهما توقفاً عقلياً بحيث إنه لا يمكن بدونهما حتى يبتني حكم الفرع على النص والإجماع، لكنه اتفق في الشرع أن الحكم لا يعلم إلا بنص أو إجماع وغيرهما من طرق الشرع.

(قوله): «لأنه أصل» أي: لأن قول الراوي.


(١) أي: النص والإجماع، كذا فسر معود الضمير، وفي حاشية: لعله أراد بتصور العلم بالحكم من دونهما كنحو الإلهام أو شرع من قبلنا ونحو ذلك.

(٢) وفي نسخة: منشأ منه.

(٣) بيانه أن حكم الخمر مثلاً وهو التحريم يتفرع عليه - أي: على الخمر - من حيث كونه محلا له، فهو أصل لحكم الأصل، أعني الخمر؛ إذ لا بد من محل للحكم، وهو أصل لحكم الفرع، أعني النبيذ؛ لكونه متفرعاً عليه، ولما كان أصل الأصل أصلا صح أن يقال =