هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسالة: في شروط حكم الأصل]

صفحة 308 - الجزء 3

  لإصلاح الكلام الأول إلى أي شيء كان انقطاعاً؛ لأن تحمل طول البحث أولى بالباب من قطع الكلام قبل ظهور الصواب.

  (و) منها: (انتفاء شمول دليله حكم الفرع) يعني يشترط أن لا يكون دليل حكم الأصل شاملاً لحكم الفرع⁣(⁣١) شمولاً ظاهراً عند الخصمين، وإلا لكان جعل أحدهما أصلاً والآخر فرعاً تحكماً، ولكان القياس تطويلاً بلا طائل، كقياس الذرة على الشعير في كونه ربوياً، فيمنع في الأصل، فيثبته المستدل بحديث معمر بن عبدالله: «الطعام بالطعام مثلاً بمثل» قال: وكان أكثر طعامنا يومئذ الشعير، أخرجه مسلم، فيجاب بأن الطعام يتناولهما جميعاً فيضيع القياس، وسيجيء أن دليل العلة إذا كان نصاً وجب أن لا يتناول الفرع بلفظه لذلك⁣(⁣٢) وأن القيدين مرادان ثمة أيضاً؛ لأن الشمول إذا لم يكن ظاهراً بأن يكون العام مخصوصاً أو مختلفاً فيه والمستدل أو المعترض لا يراه حجة مطلقاً أو إلا في أقل ما يتناوله كان القياس مفيداً، نحو أن يكون أحد الخصمين يخصص بالعادة، فيكون قياس الذرة على الشعير مع إثباته بحديث مسلم مفيداً؛ لكون العادة يومئذ تناول الشعير كما دل عليه آخر الحديث.

  (و) منها: (أصليته) فلا يجوز أن يكون متفرعاً عن أصل آخر عند الجمهور، خلافاً للحنابلة، وفي نسبته⁣(⁣٣) إلى أبي عبدالله البصري نظر؛ فقد روى أبو طالب


(قوله): «لذلك» أي: لكون القياس تطويلا.

(قوله): «وأن القيدين مرادان» وسيجيئ ما يقتضي أن القيدين ... إلخ؛ إذ لم يصرح فيما يأتي في شروط العلة بأنهما مرادان. والمراد بالقيدين كون الشمول ظاهراً وكونه عند الخصمين.


(١) لأن حكم الفرع حينئذ يكون ثابتاً بالنص فيذهب القياس ضياعاً، لكن عرفناك أن لا شرط في الحقيقة لحكم الأصل، وإنما الشروط المذكورة له هي للقياس، أعني للتوجه إلى إثبات حكم الفرع. (جلال).

(٢) أي: لدفع التحكم والتطويل.

(٣) نسبه إليه صاحب الفصول وابن الحاجب.