[مسألة: في جواز كون العلة عدمية]
  عبثاً مستقبحاً عند العقلاء(١)، هذا فيما كان منشأ مفسدة لذاته، وأما ما كان وجوده منشأ مفسدة لمنافاته المناسب بمعنى أنه يستلزم وجوده عدم المناسب، ولا بد أن يستلزم عدمه وجود المناسب(٢) لتحصل به الحكمة(٣) - فلا يصلح مناسباً ولا مظنة، أما المناسب فلأنه خلاف المفروض(٤)، وأما المظنة
(قوله): «يستلزم وجوده عدم المناسب» تحقيقاً للمنافاة، وليس بمناف حقيقة؛ لأن المنافي هو النقيض، ونقيض كل شيء رفعه، فنقيض المناسب عدم المناسب، لكنه مساو للنقيض؛ لأن ذلك الأمر يستلزم عدم المناسب.
(قوله): «لتحصل به» أي: بذلك العدم[١] «الحكمة» فيكون مظنة لوجود المناسب.
(قوله): «خلاف المفروض» لأن الكلام هاهنا في عدم الأمر المنافي للمناسب، وعدمه إنما هو مظنة للمناسب، وسيأتي تصريح المؤلف # بذلك في الجواب حيث قال لا ينافي أن يكون عدم المنافي مظنة لمناسب آخر.
(١) فلا يقال: أعطيته لعدم المانع، بل لا بد معه - أي: مع عدم المانع - من مقتض، فيقال: أعطيته لفقره أو لعلمه.
(٢) لكن لا يخفى أن الخصم يمنع انحصار منشأ المفسدة في مانع الحكم المعلل؛ لصحة كونه مانعاً لمتعلقه، ككون المال دولة بين الأغنياء فإنه مانع لصيرورته إلى مصارفه، وإرادة عدم كونه دولة مقتض للحكم بأنه لمصارفه كما هو صريح قوله: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ}[الحشر: ٧]، ولهذا تعلقت الإرادة بالنفي المحض في قوله تعالى {يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ}[آل عمران: ١٧٦]، وغيرها كثير. (شرح مختصر للجلال).
(٣) هذه عبارة العضد التي صححها مولانا الحسين فيه، وبها يستقيم المعنى فتأمل، ففي بعض نسخه ليحصل به الحكم، هذا خلاصة ما في الحواشي.
(٤) وجد في بعض الحواشي: إذ المفروض كونه منافياً للمناسب. اهـ قلت: وهذا وهم؛ إذ الكلام في العدم المنافي للمناسب، وهو الوجوب الداخل عليه العدم، وإن أردت زيادة تحقيق فارجع إلى ما في شرح المختصر[٢]، فإن المحقق جعل المنافي للمناسب قسماً مستقلاً فتأمل، فيكون المراد هنا خلاف المفروض؛ لأنا في قسم مظنة المناسب لا في المناسب نفسه، وسيأتي للمؤلف في الجواب ما يدل على هذا صريحاً.
[١] كذا عبارة السعد، وفي حاشية هنا: الظاهر بالاستلزام كما تدل عليه عبارة المؤلف في المثال.
[٢] بل كلام المؤلف # خال عن التعقيد، وإنما يحتاج إلى توجيه يظهر به المراد.