[مسألة: في جواز كون العلة عدمية]
  بمثال(١)، وهو أنه إذا قيل في المرتد: يقتل لعدم إسلامه فذلك إما لأن في قتله مع الإسلام مصلحة فيلزم من اعتبار عدمه تفويتها، أو فيه مفسدة لذاته فغايته أن الإسلام مانع(٢) فما المقتضي لقتله؟ أو لمنافاته مناسب القتل وهو الكفر مثلاً فوجود الإسلام يستلزم عدم الكفر تحقيقاً للمنافاة، وعدمه يستلزم وجوده
(قوله): «أما لأن في قتله مع الإسلام مصلحة» هكذا في شرح المختصر، قال السعد: ظاهره غير مطابق للمثل له؛ لأنا فرضنا التعليل بعدم الإسلام، فينبغي أن يقال: في الإسلام مصلحة، ثم أجاب بأن معنى الباعث أن يكون مشتملا على حكمة مقصودة للشارع في شرع الحكم من تحصيل مصلحة أو تكميلها أو دفع مفسدة أو تقليلها، وحاصله أن في شرعية الحكم لأجله وترتيبه عليه تحصيل مصلحة؛ إذ معنى كون الإسلام منشأ مصلحة أن في إيجاب القتل معه مصلحة مثلا، كالإسكار فإن في تحريم الخمر مع الإسكار مصلحة، وليس المقصود أن في الإسكار مصلحة، فلينتبه لذلك، فإن كثيراً من الأمثلة من هذا القبيل، فكذا هاهنا معنى كون الإسلام منشأ لمصلحة أن في إيجاب القتل معه مصلحة.
(قوله): «أو فيه» أي: في قتله.
(قوله): «أو لمنافاته» أي: القتل، عطف على لذاته.
(قوله): «وعدمه» أي: الإسلام، وضمير وجوده للكفر.
(١) في الفواصل ما لفظه: وتوضيح الكلام بإجراء المثال السابق، وهو يقتل المرتد لعدم إسلامه، فلو فرض أن في قتله مع الإسلام مصلحة كان في عدمه تفويت تلك المصلحة، وتفويتها مفسدة، فلا يصلح العدم مقتضياً مناسباً، أو فرض أن في قتله معه مفسدة كان العدم عدم مانع، وهو لا يصلح أن يكون مقصوداً في شرعية الحكم، بل لا بد من مقتض كما عرفته، أو فرض كون الإسلام الذي أضيف إليه العدم منافياً للمناسب الذي شرع القتل لأجله، وهو الكفر في المثال المذكور، فوجود الإسلام يستلزم عدم الكفر تحقيقاً للمنافاة، وعدم الكفر يستلزم وجود الإسلام تحصيلاً للحكمة، فالإسلام نقيض الكفر المناسب، وعدمه عدم نقيض المناسب، فالمناسب - وهو الكفر - إن كان ظاهراً منضبطاً كان هو العلة بنفسه، ولا حاجة إلى اعتبار مظنته الذي هو عدم نقيض الكفر، أعني عدم الإسلام، وإلا يكن ظاهراً بل كان خفياً فالإسلام الذي هو مقابله يكون كذلك، ويلزم أن يكون عدمه خفياً فلا يصلح للعلية، أو فرض أن الإسلام الذي أضيف إليه العدم لم يكن منافياً للمناسب بناء على أن المناسب ليس هو الكفر بل آمر آخر لا ينافيه الإسلام فإنه لا يكون في عدم الإسلام مقتض مناسب؛ إذ المفروض أن وجوده كعدمه، وكذلك قال مالك: يقتل المرتد وإن رجع إلى الإسلام؛ لكون المناسب أمراً آخر لا يمتنع أن يجتمع مع الإسلام.
(٢) وهو لا يصلح أن يكون مقصوداً في شرعية الحكم، بل لا بد من مقتض كما عرفته.