[مسألة: في جواز كون العلة عدمية]
  تحصيلاً للحكمة، فإن كان الكفر ظاهراً منضبطاً كان هو العلة لا عدم الإسلام، وإن كان خفياً فالإسلام كذلك، فعدمه كذلك، فلا يصلح للعلية، وإن لم يكن قتله مع الإسلام منشأ مصلحة ولا مفسدة ولا منافياً للمناسب بناء على أن الكفر غير مناسب للقتل بل أمر آخر لا ينافيه الإسلام كان وجود الإسلام وعدمه سواء بالنسبة إلى ذلك الحكم، فلا يكون عدم الإسلام علة، وإلا لما كان وجوده وعدمه سواء بالنسبة إلى ذلك الحكم، بل كان عدمه أولى بالنسبة إليه.
  (قلنا:) دليلكم(١) هذا لو كان بجميع مقدماته صحيحاً للزم أن (ينفي) العلة (العدمية مطلقاً) يعني: ولو كانت في حكم عدمي؛ لجريه فيها، وأنتم لا تقولون به (ثم لا نسلم انتفاء صلوح عدم ما هو مفسدة أو) عدم (ما لم يكن أيهما) أي: مصلحة في ذلك الحكم أو مفسدة (للعلية) أما الأول فلجواز أن يشتمل على مصلحة إما لأنه نفس المناسب، وقولك: عدم المانع ليس علة، إن
(قوله): «كان هو العلة» فليقل: يقتل لأنه كافر.
(قوله): «فعدمه» أي: عدم الإسلام.
(قوله): «بناء على أن الكفر غير مناسب للقتل بل أمر آخر» قال في شرح المختصر: ولذلك قال مالك: يقتل وإن رجع إلى الإسلام، فالمناسب أمر آخر يجتمع مع الإسلام، فالإسلام وعدمه سواء في تحصيل المصلحة، فلا يكون عدمه مظنة.
(١) وهذا النقض إنما يرد على من أجاز ذلك كالآمدي وابن الحاجب، لا من منعه مطلقاً كالحنفية.
(*) في شرح ابن جحاف: قلنا: دليلكم هذا ينفي العلة العدمية مطلقاً ولو لأمر عدمي لجريه فيه، وأنتم لا تقولون به، فلو صح بجميع مقدماته لجرى فيه، وربما منع جريه فيه؛ إذ لا يعد تعليل الحكم العدمي بعدم مستهجناً عند العقلاء، كما لو قيل: لم لا تفعل كذا؟ فتقول: لعدم الحاجة إلى فعله، فإن هذا تعليل صحيح، وهو تعليل بعدم المانع؛ لأن وجود ظهور الحاجة مانع من عدم الفعل، ومثله تعليلهم عدم جواز الفعل القبيح عليه تعالى بعدم الحاجة إليه؛ لأن الحكم العدمي لا يفتقر إلى المقتضي، بخلاف الثبوتي، والله أعلم. وكما لو قيل: لم لا تأكل هذا الطعام؟ فيقول: لعدم الحاجة إلى أكله، بخلاف ما لو قيل: لم أكلت هذا؟ فيقول: لعدم الضرورة، فإن كان هذا كلام مستهجن عند العقلاء؛ إذ لا بد للفعل من المقتضى والداعي إليه، بخلاف العدم، والله أعلم.