[مسألة: في جواز كون العلة عدمية]
  التي هي التزام الإسلام، وحصول القتل مع الإسلام لا يستلزمها كما أنه لا ينافيها؛ ولهذا قال مالك: يقتل المرتد وإن رجع إلى الإسلام، فلم يكن عدم الإسلام في تحصيل المصلحة التي هي التزام الإسلام كوجوده.
  واعلم أن من يشترط في العلة أن لا تكون عدماً في الحكم الثبوتي يشترط فيها أن لا يكون العدم جزءاً منها؛ لأن ما جزؤه عدم فهو عدم، فكل ما ذكروه من الاحتجاج على امتناع تعليل الوجود بالعدم المحض يأتي مثله في امتناع تعليل الوجود بما جزؤه عدم، والجواب هو الجواب.
  (و) المختار أن العدم يجوز أن (يكون جزء علة) ولو في حكم ثبوتي (كالدوران)(١) فإنه علة لمعرفة كون المدار علة، وهي وجودية، والدوران مركب من وجودي وعدمي؛ لأنه عبارة عن الوجود مع الوجود والعدم مع العدم. وكالتحدي(٢) مع انتفاء المعارض فإنه مع كونه مركباً من الأمرين علة لمعرفة كون المعجز معجزاً(٣)، وهو وجودي.
(قوله): «بالعدم المحض» وهو ما لم يكن بعض أجزائه وجوديا، لا العدم الذي ليس بمضاف فإنه يمتنع التعليل به بالاتفاق، كذا نقل عن المؤلف #.
(١) أي: دوران الحكم مع الوصف وجوداً وعدماً.
(*) وصورة الدوران كما لو قيل في إثبات حرمة النبيذ مسكر فيكون حراماً كالخمر، وأثبت كون الإسكار علة للتحريم في الخمر بدوران الحكم معه وجوداً وعدماً، فإنه إذا صار مسكراً حرم، وإذا زال الإسكار عنه بأن صار خلاً حل. (نيسابوري).
(٢) قال الجلال في شرحه للمختصر في الجواب عن الاستدلال بالتحدي والدوران: قلنا: أما الأول فلأن علة العلم بالمعجزة هو العلم بالانتفاء لا الانتفاء نفسه والعلم به أمر ثبوتي، وعلى كليهما أن كلا من العدمين المذكورين شرط لعلية ما اعتبر معه لا جزء، إلا أنه لا يخفى أن التحدي لا يستقل بالعلية للعلم بالمعجزة، بل انتفاء المعارض أظهر في إيجاب العلم بالمعجزة. اهـ قلت: ما ذكره كان يخطر في بالي إلا أنه غير مخصص بالأول. (من خط السيد الحسين الأخفش).
(٣) فالشيء إنما ثبت إعجازه بالتحدي وانتفاء المعارض معاً.