هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في الخلاف في اشتراط اطراد العلة]

صفحة 354 - الجزء 3

  لأن من ضرورة العلية لزوم المعلول لعلته.

  (قلنا:) لا نسلم كونه من لوازم العلة؛ لأنا لا نريد بها إلا الباعثة لا الموجبة، فلا يلزمها الحكم مطلقاً، بل (إن عدم المانع ووجد الشرط) لأن صحتها عبارة عن اقتضائها الحكم، وهو كونها باعثة عليه وإذا وجد مانع أو عدم شرط كان ذلك⁣(⁣١) غير متحقق، فينتفي اللزوم⁣(⁣٢) (وكونهما جزأيها⁣(⁣٣) يرجع النزاع لفظياً) هذا إشارة إلى ما احتج به أبو الحسين البصري وجوابه.

  تقرير الاحتجاج: أن التخلف إنما يكون مع وجود مانع أو عدم شرط، فيكون نقيضاهما وهو عدم المانع ووجود الشرط جزأين من العلة، ألا ترى أنه لو ثبت منع بيع الحديد بالحديد متفاضلاً لكونه موزوناً، ثم علم جواز بيع الرصاص بالرصاص متفاضلاً لكونه أبيض أو غير أسود - علم أن منع بيع الحديد بالحديد متفاضلاً إنما كان لكونه موزوناً مع انتفاء مانع البياض أو مع وجود شرط السواد، فلا يكون كونه موزوناً كل العلة، بل شطرها.

  وتقرير الجواب⁣(⁣٤) أن يقال: إن أردت العلة التي بمعنى الباعث فليس عدم


(قوله): «إنما يكون مع وجود مانع أو عدم شرط» وإلا لكان انتفاء الحكم لعدم المقتضي.


(١) أي: عدم الوجود، وعدم العدم. (منتخب).

(٢) أي: تحقق اللزوم؛ لأن عدم تحققه لا يستلزم انتفاءه، بل انتفاء تحققه. (منتخب من التقود والردود).

(٣) عبارة العضد في هذا ما لفظه: مثاله إذا علم أن الربا لا يثبت في الحديد لكونه موزوناً فنقض بالرصاص، فقيل: المانع البياض أو الشرط السواد، فقد علم أن العلة كونه موزوناً مع أنه ليس بأبيض أو مع أنه أسود، فلا يكون كونه موزوناً هو العلة، بل جزء العلة. اهـ وهو أوضح من عبارة الكتاب. اهـ في الأوضحية نظر.

(٤) عبارة المختصر وشرح الجلال عليه: قلنا: قد تقدم أن العلة هي الباعث المناسب، وليس ذلك - أي: الشرط وعدم المانع - من الباعث على شرع الحكم، بل هو من قبيل انتفاء المعارض، فإن الأبوة وعدم التكليف معارض اقتضى نقيض حكم العلة، وانتفاء المعارض ليس جزءاً من المناسب لشرع الحكم.