هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في الخلاف في اشتراط اطراد العلة]

صفحة 356 - الجزء 3

  وتقرير الجواب: أن هذا القياس فاسد؛ لأنا لا نسلم أن فساد العقلية عند تخلف الحكم عنها لما ذكرتموه من الجامع حتى يصح إلحاق الشرعية بها، بل إنما كان لأن العقلية علة بالذات، فاستلزامها لمعلولها استلزام ذاتي، وما بالذات لا ينفك، فيدل التخلف فيها على عدم العلية، وهذا غير متحقق⁣(⁣١) في الشرعية؛ لأنها علة بوضع الشارع⁣(⁣٢) لها أمارة على الحكم، فلا يضر التخلف في بعض المحال.

  احتج (الثاني) وهو القائل بأن النقض لا يبطلها على الإطلاق بقوله: (للجمع) يعني بين دليلي الاعتبار والإهدار، فيعمل بها في غير صورة النقض عملاً بالدليل الدال على عليتها⁣(⁣٣)، وبالتخصيص في محله عملاً بالدليل الدال عليه، والجمع بين الدليلين واجب (وإلا بطل المخصص)⁣(⁣٤) بالفتح؛ لأنها لو بطلت العلية بالتخلف لبطل العام المخصص، واللازم منتف، بيان الملازمة: أن التخلف ليس إلا مخصصاً لدليل كون هذا الوصف علة، وخصوصية هذا المدلول - وهو كون هذا الوصف علة - ملغاة⁣(⁣٥) قطعاً،


(قوله): «وبالتخصيص في محله» وهو صورة النقض.

(قوله): «ليس إلا مخصصاً لدليل ... إلخ» أي: لعموم دليل ... إلخ.

(قوله): «وخصوصية هذا المدلول ... إلخ» والحاصل أن الدليل العام للحكم يجوز تخصيصه سواء كان المخصص بالفتح هو العلية أو حكم آخر سواها.


(١) في نسخة: محقق.

(٢) لكن لا يخفى أن الوضع إنما يكون للمناسبة، والمناسبة عقلية، فهي عقلية في الحقيقة، فالفرق من وراء الجمع⁣[⁣١]. (جلال).

(٣) في نسخة: بالدليل الدال إلخ.

(٤) بأن لا تبقى حجة في الباقي، والتالي باطل كما تقدم في باب العموم، فكذا المقدم. (رفواً).

(*) وإنما وجب الاشتراك لما نبهناك عليه من أن تخصيص العموم ليس عبارة عن تخصيص دلالة الدليل، فإنها باقية، إنما التخصيص لبعض مدلول الدليل بالحكم دون البعض الآخر. (جلال).

(٥) أي: مبطله قطعاً، أي: ضرورة. (منتخب).


[١] في شرح المختصر للجلال: والفرق ما وراء الجمع.