[مسألة: في الخلاف في اشتراط اطراد العلة]
  المفروض منافاة التخلف للعلية؛ إذ لولاه فلا مانع من صحة المظنونة.
  احتج (الثالث)(١) وهو القائل بأن النقض لا يقدح في المنصوصة بل في المستنبطة - بأن (صحة) العلة (المستنبطة) مع كونها منقوضة إنما هو (لتحقق المانع) لأن التخلف بلا مانع دليل قاطع على عدم الاقتضاء (وتحققه) أي: المانع إنما هو (لصحتها) يعني: أن المانع إنما يتحقق بعد صحة العلة؛ إذ لو لم تصح كان عدم الحكم لعدمها لا لما يتصور مانعاً، فلا يكون مانعاً فتتوقف الصحة على المانع والمانع على الصحة ويلزم الدور.
  (قلنا:) المانع (الأول) وهو الذي تتوقف عليه صحة العلة اتصافه بالمانعية اتصاف (بالقوة) وهي كونه بحيث إذا جامع علة باعثة منعها مقتضاها سواء وجد الباعث أم لا (و) المانع (الثاني) وهو الذي يتوقف على صحة العلية اتصافه
(قوله): «إنما هو» الأولى: إنما هي، أي: صحة العلة المستنبطة.
(١) في شرح ابن جحاف على الغاية ما لفظه: احتج الثالث القائل بعدم الاشتراط في المنصوصة، بل يجوز فيها النقض لمانع أو عدم شرط، وأما المستنبطة فلا يجوز فيها النقض - قالوا: لو جاز النقض فيها كان دوراً، بيان ذلك أن صحة المستنبطة لا تتحقق بتحقق وجود المانع، أي: لا بد من تحقق وجوده فيها لتحقق الصحة؛ لأنه الذي يمنع المقتضي، وإلا كان التخلف لعدمها، وتحقق المانع أيضاً في صورة النقض إنما يكون لتحقق الصحة؛ لأنه الذي يمنع المقتضي مقتضاه، فلا يكون مانعاً إلا بعد تحقق الصحة، وإلا كان وجوده وعدمه سواء فلا يصلح مانعاً، فيكون دوراً، وأيضاً تعارض الدليل على اعتبار العلة الشاهد بأنها كلما وجدت وجد الحكم ودليل الإهدار، وهو الشاهد بأنها لو كانت علة لما انفك عنها الحكم في صورة النقض فيتساقطان فتبطل العلية، فيثبت أن التخلف يبطل المستنبطة، بخلاف المنصوصة فإن دليلها النص فلا يلزم الدور، والتخلف لا يعارضه، قلنا: لزوم الدور ممنوع؛ لأن المراد بتوقف الصحة على وجود المانع بالقوة، بمعنى أن الصحة متوقفة على تحقق ما من شأنه أن يكون مانعاً بالقوة، وإن لم يكن مانعاً بالفعل، وكونه مانعاً بالفعل متوقف على تحقق الصحة، فلا دور؛ لأن الذي توقف عليه الصحة هو وجود المانع بالقوة، والذي توقف عليها هو حصول المانعية بالفعل، وحصول الانفكاك في صورة النقض إنما كان لحصول معارض يمنع المقتضي مقتضاه، وذلك لا يقدح في دلالة الدليل على اعتبار العلة في جميع مواردها ولا تبطل شهادته.