هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في الخلاف في اشتراط اطراد العلة]

صفحة 387 - الجزء 3

  أو تقليلها، فيجوز التعليل بما لا يطلع على حكمته (لحصول التعريف) للحكم بها، وهو من أقوى فوائدها.

  (قيل:) كونها مما يعرف الحكم لا يتصور إلا وهي (مستنبطة من الحكم) يعني: حكم الأصل؛ لأن التنصيص عليها أو الإجماع تصريح بالحكم، فإن قولك: حرمة الخمر معللة بالإسكار تصريح بحرمة الخمر، فلا يصدق أن الحكم إنما عرف بها (فيدور) في المستنبطة حينئذ؛ لأنها لا تعرف إلا بثبوت الحكم، فلا يجوز عرفان ثبوته بها.

  (قلنا:) لا نسلم أن كون الوصف معرفاً للحكم معناه أنه لا يثبت الحكم إلا به، كيف وهو حكم شرعي لا بد له من دليل شرعي نص أو إجماع؟ بل معناه أن الحكم يثبت بدليله، ويكون الوصف أمارة بها يعرف أن الحكم الثابت حاصل في هذا الجزئي⁣(⁣١) مثلاً، فالعلة واقفة على العلم بشرعية الحكم بدليله، و (الواقف عليها ثبوته) أي: معرفة ثبوته (في المواد الجزئية) فإذا ثبت بالنص حرمة الخمر وعلل بكونها مائعاً أحمر يقذف بالزبد كان ذلك أمارة على ثبوت الحرمة في كل ما يوجد فيه ذلك الوصف من أفراد الخمر، فلا دور.


(قوله): «قيل: مستنبطة ... إلخ» اعلم أن ابن الحاجب ذهب إلى منع التعليل بالأمارة في المنصوصة المستنبطة كما صرح بذلك في شرح المحقق، قال: لأنها لو كانت مجرد أمارة لم يكن لها فائدة إلا تعريف الحكم، وإنما يعرف بها الحكم إذا لم تكن منصوصة أو مجمعاً عليها؛ لأن التنصيص على العلة أو الإجماع تصريح بالحكم، فلا يصدق أن الحكم إنما عرف بها، فبقي أن يعرف بها وهي مستنبطة، وحينئذ يلزم الدور؛ لأن المستنبطة لا تعرف إلا بثبوت الحكم، فلو عرف ثبوت الحكم بها لزم الدور، وأجاب السعد عما ذكره بأن كون الوصف معرفا للحكم ليس معناه أنه لا يثبت الحكم إلا به، كيف وهو حكم شرعي لا بد له من دليل؟ إلى آخر ما ذكره المؤلف، فإنه # قد نقل حاصل كلامه، وظاهر ما ذكره السعد أنه جواب عما ذكره في شرح المختصر في المنصوصة والمستنبطة، وأما المؤلف # فإنه في المتن ساق الكلام في المستنبطة؛ لأنه استدل للمخالف بالدور، وأجاب عنه وقال: فيدور في المستنبطة، وكان الأولى التعميم فيهما كما هو ظاهر ما ذكره السعد، والله أعلم.


(١) في التحرير وشرحه: (مثلاً معرف حرمة الخمر النص، والإسكار معرف) الجزئي (المشاهد أنه منها) أي: من أفراد الأصل (فتعرف حرمته) أي: الأصل (فيه) أي: في المشاهد (فلا دور). (تحرير وشرحه).