هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في الخلاف في ثبوت حكم الأصل بالعلة]

صفحة 396 - الجزء 3

  واعلم أن القوم قد اختلفوا في تعريف العلة، فقيل: إنها المؤثر، وقيل: المعرف، وقيل: الباعث لا على سبيل الإيجاب⁣(⁣١). والقولان الأخيران أقرب إلى الصواب.


(قوله): «وقيل المعرف» هذا لجمهور الأشعرية؛ لأن الحكم عندهم قديم فلا يصح فيه التأثير، أو لأن المؤثر⁣[⁣١] عندهم هو الله تعالى كما ذكره في شرح الجمع.

(قوله): «وقيل الباعث لا على سبيل الإيجاب» أي: لا موجبة لذاتها كالعقلية، بل هي داعية إليه فقط، وهذا هو الذي اختاره في الفصول ونسبه إلى جمهور المعتزلة.


(١) أي: لا موجبة لذاتها كالعقلية، وهذا هو الذي اختاره في الفصول، ونسبه إلى جمهور المعتزلة، وقال بعض الفقهاء وابن زيد: إنها موجبة لا بذاتها، بل بجعل الشارع لها موجبة، فإضافة الوجوب إليها كإضافة وجوب القطع إلى السرقة، قال الإمام يحيى: فيكون حدها عندهم أنها الوصف المؤثر على جهة الإيجاب، فالشدة علة في التحريم، كما أن العلم علة مؤثرة في العالمية على جهة الإيجاب، وقال جمهور الأشعرية: إنها معرفة فقط كالزوال؛ لأن الحكم عندهم هو خطاب الله القديم، والقديم لا يصح أن يؤثر فيه شيء، قال في شرح الفصول: وهذا أصل قد تقرر فساده، هكذا في الفصول وشرحه. وفي الجمع وشرحه: وفي تعريف العلة أقوال: أحدها وبه قال أهل السنة: إنها المعرف للحكم، أي: تدل على وجوده، ولا تؤثر فيه؛ لأن المؤثر هو الله تعالى، قال في شرحه: ثم حكى المصنف خلافاً في أن حكم الأصل ثابت بالعلة أو بالنص، قال: وبالأول قال أصحابنا، وبالثاني قال الحنفية، قال: ووجه ذكر هذه المسألة بعد هذا التعريف - يعني قوله قبيل هذا: إنها المعرفة للحكم - التنبيه على خطأ ابن الحاجب في قوله: إن أصحابنا بنوا أقوالهم أن حكم الأصل ثابت بالعلة على تفسيرها بالباعث.


[١] في المطبوع: أو لأن عدم المؤثر. وهو خطأ.