[فصل: في الاعتراضات]
  (فصل(١): الاعتراضات أصلها) كلها ثلاثة أمور: الأول: (المناقضة، وهي
(قوله): «أصلها» أي: ما ترجع إليه «ثلاثة أمور» تشبيهاً لمرجع الشيء بأصله، وقد أشار إلى هذا المؤلف # بقوله في آخر الكلام: فكانت أصلا لهذه الثلاثة والعشرين لأولها إليها.
(قوله): «ثلاثة أمور» لم يذكر المؤلف # وجه الحصر، وقد ذكره في شرح المختصر، إلا أنه جعل الاعتراضات راجعة إلى أمرين: إلى منع أو معارضة، وكأنه جعل المنع شاملا للنقض، وبين وجه الحصر في الأمرين بقوله: لأن غرض المستدل الإلزام بإثبات مدعاه بدليله، وغرض المعترض عدم الإلزام[١] بمنع المستدل عن إثباته [به]، والإثبات يكون بصحة مقدماته ليصلح للشهادة، وبسلامته عن المعارض لتنفذ شهادته فيترتب عليه الحكم، والدفع يكون بهدم أحدهما، فهدم شهادة الدليل بالقدح في صحته بمنع مقدمة من مقدماته وطلب الدليل عليها، وهدم نفاذ شهادته بالمعارضة بما يقاومها وبمنع ثبوت حكمها، فما لا يكون من ذلك فلا تعلق له بمقصود الاعتراض فلا يسمع ولا يلتفت إليه.
(قوله): «المناقضة ... إلخ» هكذا في آداب البحث العضدي بتقديم منع المقدمة على النقض الإجمالي، وفي شرحه وحواشيه أن الترتيب الموافق لما تقتضيه المناظرة هو أن النقض مقدم على المناقضة؛ لأن الدليل إيصاله إلى المطلوب أقرب من إيصال مقدماته، فالدخل في القريب أقرب إلى ما هو المقصود من المناظرة - أعني رد ما يدعيه الخصم - من الدخل في البعيد، أعني المقدمات.
(١) قال العلامة في شرحه على المختصر: «الاعتراضات»، وتسمى هذه التفاصيل علم الجدل؛ لأن المستدل إما ناقل للدليل أو مدع للمدلول، وعلى التقديرين لا يمنع نقله ولا دعواه إلا مجازاً؛ لأن معنى منع الرواية طلب تصحيحها، ومعنى منع المدعى طلب الدليل عليه، ثم الممنوع ثلاثة مرتبة طبعاً فترتب وروداً: أولها: منع صحة الدليل جملة، ولا يقبل هذا المنع إلا مسنداً بما يشهد له، وإلا فمكابرة، وسنده إما إبداء محل وجد فيه الدليل - علة كان أو غيرها - مع تخلف الحكم، أو إبداء فساد استلزمه الدليل، كما يقال: لو صح دليل الجبر لزم التكليف بالمحال، وكلا الأمرين يسمى نقضاً إجمالياً، وثانيها: منع مقدمة من مقدمات الدليل بعينها بسند وبغير سند، ويسمى هذا المنع مناقضة ونقضاً تفصيلياً، وثالثها: منع العمل بموجب الدليل وإن كان صحيحاً، ولا يقبل هذا المنع إلا بسند، وسنده يسمى معارضة، وهي إبداء دليل على ما ينافي مدلول دليل المستدل، وكل سند لمنع فليس للمستدل دفعه إلا إذا كان بحيث يلزم من بطلان السند ثبوت المدعى، كما إذا كانا في طرفي نقيض يلزم من نفي أحدهما وجود الآخر، والعكس، أما إذا لم يلزم ذلك كان الكلام على السند غير مفيد للمستدل، وإنما هو انتقال وتطويل بلا طائل، بل ربما ضره إذا كان السند أعم من المدعى، كما لو قال: هذا إنسان، فقال المعترض: لا أسلم؛ لجواز كونه نامياً، فلو بطل النمو بطل مدعاه؛ لأن الإنسان نام، وكذا لو قال: لجواز كونه فرساً، فإن إبطال الفرسية لا يستلزم ثبوت الإنسانية، وبالجملة إذا كان السند ضداً أو خلافاً أو أعم أو أخص =
[١] في شرح المختصر: الالتزام. وبقية التصحيح منه.