هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في الاعتراضات]

صفحة 481 - الجزء 3

  (في نقيض الحكم) الذي أثبت به، فيكون القياس المخصوص فاسد الوضع؛ إذ الوصف الواحد لا يؤثر في النقيضين، هذا هو المشهور في تفسير هذا الصنف، والذي تقضي به عبارات العلماء في مناظراتهم أن فساد الوضع اشتمال القياس على خلاف ما عهد في الشرع نصاً أو إجماعاً، سواء كان بنفس الاعتبار أو بترتب


= الذي أثبت به صفة للحكم لا للنقيض، أي: الحكم الذي أثبته المستدل بالجامع. ومثال اعتبار الجامع في نقيض الحكم بنص: تعليل نجاسة سؤر السبع بأنه سبع فكان سؤره نجساً كالكلب، فيقال: السبعية اعتبرها الشارع علة للطهارة بالنص، وذلك فيمار واه أحمد وغيره أنه ÷ دعي إلى بيت فيه كلب فلم يجب، ودعي إلى بيت فيه سنور فأجاب، فقيل له في ذلك فقال: «السنور سبع» فجعل⁣[⁣١] كونه سبعاً علة للتطهير، ذكره في الفصول وشرحه.

(قوله): «والذي تقضي به عبارات العلماء في مناظراتهم» يعني أنهم يستعملون فساد الوضع في المناظرة فيما هو أعم من ذلك؛ ولذا قال: «أن فساد الوضع اشتمال القياس ... إلخ» يعني وإن لم يعتبر الجامع بنص أو إجماع في نقيض الحكم، بل اعتبر بترتب الحكم على وفقه كما ستعرف ذلك.

(قوله): «على خلاف ما عهد في الشرع نصاً أو إجماعاً» نصب على الحال من ضمير عهد لا على التمييز؛ إذ لا يستقيم ذلك في نصب إجماعاً⁣[⁣٢]، والمعنى أنه لم يعهد في الشرع قياس بجامع مؤثر في نقيض حكم القياس سواء كان تأثيره في النقيض بنص أو إجماع أو بترتب الحكم على وفقه، والله أعلم، فقوله: «سواء كان» أي: ذلك الاشتمال «بنفس الاعتبار» أي: الاعتبار المذكور، وهو اعتبار الجامع بنص أو إجماع في نقيض الحكم، وقوله: «أو بترتب الحكم على وفقه» أي: أو كان اشتمال القياس على خلاف المعهود بترتب الحكم أي المناقض للحكم الذي أثبته المستدل، فلو قال المؤلف #: أو بترتب نقيض الحكم على وفق الجامع لكان أولى. ومعنى ترتب النقيض على وفق الجامع أنهما وجدا في محل واحد كما ستعرف ذلك من المثال إن شاء الله تعالى، وهو قوله: نحو أن يقول، فإن الظاهر أنه مثال لترتب نقيض الحكم على وفقه، وأما مثال اعتبار الجامع بنص في نقيض الحكم فقد عرفته من المنقول عن الفصول وشرحه. ومقتضى هذه العبارة شمول النص والإجماع لترتب الحكم على وفقه، وليس كذلك، وتوضيح هذا المثال أن التكرار في التيمم أثبته المستدل بجامع وهو المسح، والمعترض قد أثبت النقيض بهذا الجامع لا بنص ولا إجماع، بل بترتب الكراهة على المسح، بأن وجدا في محل واحد وهو الخف.


= لصدقه فقط بأن يكون⁣[⁣٣] الدليل صالحاً لترتيب الحكم عليه، وصدق فساد الوضع بأن لا يكون الدليل كذلك ولا يعارضه نص ولا إجماع، وصدقهما معاً بأن لا يكون الدليل كذلك مع معارضة نص أو إجماع. (شرح لب لزكرياء).


[١] في المطبوع: فهل كونه. والمثبت من شرح الفصول.

[٢] ينظر في وجه عدم الاستقامة. (ح قال: اهـ شيخنا).

[٣] في المطبوع: بأن لا يكون. والمثبت من شرح اللب.