هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في الاعتراضات]

صفحة 492 - الجزء 3

  على العقليات من حيث إن العجز عن إبطالها حتى عن دليلي النقيضين ليس تصحيحاً لها ففاسد؛ إذ ليس وجه بطلانها ولا طريق إثباتها ظاهراً، وها هنا السبر أسهل طريق لإثباته⁣(⁣١)، فناسب للمعترض أن يجعله كالمذكور ويشتغل


= إذ يكون المعنى: بل التزم مجرد الطلب، ولعل اللام علة لمحذوف⁣[⁣١]، أي: بل لعله أورد المنع لمجرد الطلب، أي: لمجرد طلب إقامة الدليل على المقدمة الممنوعة.

(قوله): «وأما قياسه على العقليات» أي: وأما الجواب بقياسه - أي: الممنوع - على العقليات في أن العجز عن إبطال دليل المستدل ليس تصحيحاً له ففاسد. وهذا الجواب ذكره ابن الحاجب، ورده شارحه، وقد أشار المؤلف # إلى الجواب والرد، أما الجواب فبيانه أن الراد لما استدل بأن الاكتفاء بالمنع دليل عجز المعترض أجاب ابن الحاجب⁣[⁣٢] بأن هذا يقتضي أن كل دليل عجز المعترض عن إبطاله فهو صحيح وإن كان المطلوب حقاً، كدليل حدوث العالم وإثبات الصانع، لكن الدليل لا يصح بمجرد عجز المعترض عن إبطاله، بل لا بد من وجه دلالة وصحة ترتيب. وأما الرد فحاصله الفرق بين ما نحن فيه وبين ما ذكره ابن الحاجب، وذلك أن طرق عدم العلية فيما نحن فيه محصورة مضبوطة لا تخفى على المجتهد والمناظر، فلو وجدها المعترض لأظهرها، بخلاف سائر الأدلة فإنه لا يتعين طرق نفيها ولا تكون بحيث تظهر البتة للناظر والمناظر، فقول المؤلف #: «من حيث إن العجز عن إبطالها» بيان لحكم الأصل، فلو قال: في أن العجز⁣[⁣٣] عن إبطالها لكان أظهر في كونه بيانا لحكم الأصل، وقوله: «عن إبطالها» أي: العقليات، والمراد إبطال أدلتها، ولكنه تسامح.

(قوله): «حتى عن دليلي النقيضين» يعني إذا تعارضا وعجز كل عن إبطال دليل الآخر، وضمير بطلانها للعقليات، وكذا ضمير إثباتها.

(قوله): «وهاهنا السبر أسهل طريق لإثباته» يعني أن السبر دليل للمستدل في إثبات العلية ظاهر عام لا يعجز عنه قائس، فينبغي من المعترض أن يجعله كالمذكور، أي: كأن المستدل جعله دليلاً على العلية، فيشتغل المعترض بإبطاله بأن يبدي في معارضته وصفاً آخر ابتداء ويطرح مؤنة التطويل بالعدول أولاً إلى مجرد المنع ثم بعد إثبات المستدل العلية بالسبر يبطله ثانياً بإبداء وصف آخر، فضمير إثباته للمنوع وهو العلية، وقوله: فناسب للمعترض الأولى الأنسب بالمعترض، أي: الأولى به، وفاعل ناسب أن يجعله، وقوله: أن يجعله أي السبر، وضمير الفاعل للمعترض.


(١) هذا إشارة إلى الفرق بين العقليات وغيرها، وإلا فقد بنى على أن العجز ليس بمصحح فيهما جميعاً كما صرح به في المختصر. اهـ منه.


[١] لا يبعد أن تكون لام التقوية، أي: بل التزامه لمجرد الطلب. (حسن ح).

[٢] هذا محصول كلام ابن الحاجب والشارح العضد وعبارة السعد، فتأمل في العضد وحاشيته فهي أصح. (ح عن خط شيخه).

[٣] ينظر فيه. (حسن).